منْ مَدْحِ النَّاسِ لهُ،
فلَيسَ لهُ في الآِخرةِ عِندَ اللهِ شَيءٌ، واللهُ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيئًا.
وَالثَّانِي: «... وَرَجُلٌ
تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ
نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، فَقَالَ: مَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ فِيكَ
الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، فَقَالَ: كَذَبْتَ،
وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ لِيُقَالَ: هُوَ عَالِمٌ، فَقَدْ قِيلَ، وَقَرَأْتَ
الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ
عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ». وهَذا مِمَّا يُوجبُ لِطالبِ
العِلْمِ أَنْ يُخْلِصَ نِيَّتَه للَّهِ عز وجل في طَلبِ العِلْمِ، فلا يَكونُ
قَصْدُه التَّرَفَّعَ، أَو الوظِيفةَ الدُّنْيويَّةَ وتَحْصِيلَ الحُطَامِ
بِعِلْمِهِ وَتَعْلِيمِهِ، وَإِنَّما يَكونُ قَصْدُه للَّهِ عز وجل؛ لأَنَّ
تَعلُّمَ العِلْمِ وتَعْليمَهُ مِن أَجَلِّ الأَعْمالِ الصَّالحةِ فلا يَصْرِفُه
وَيُريدُ بِه الدُّنْيا، وإِنَّما يُريدُ بِه وَجْهَ اللهِ، ومَا يُعطَى لهُ مِنْ
مَالٍ إِنْ أُعطِي فَهُو تَابعٌ وَلَيْسَ مَقْصُودًا.
وَالثَّالثُ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً سَلَّطَهُ على هَلَكَتِه فِي الخَيْرِ، فَصارَ يُنْفِقُهُ فِي الخَيرِ، فَهُوَ فِي الظَّاهِرِ كَثِيرُ الإِنْفَاقِ، والإِنْفَاقُ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ شَكَّ أَنَّهُ مِنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «.. وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، فَقَالَ: مَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا، إلاَّ أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ»([1]).
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1905).