فَمِنْ معانِي
شهَادةِ «أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ» تَرْكُ البِدَعِ وَالمحْدَثَاتِ،
والاقْتِصَارُ عَلَى ما جاءَ بِه الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم.
ثُمَّ أَيْضًا لا
بُدَّ مِنْ تَصْديقِه صلى الله عليه وسلم فِيما أَخْبرَ وفِيمَا أَمرَ بِه ونَهى
عَنهُ، فَلَوْ عَمِلَ العَبدُ بِما جَاء بِه ولكنَّهُ لمْ يُصدِّقْه، فهذه طرِيقةُ
المنَافِقينَ، فَهُمْ يُصَلُّونَ وَيَصُومُونَ وَيَحُجُّونَ وَيُجَاهِدُونَ،
وَلكِنَّهُمْ لاَ يُصَدِّقُونَ بِما جاء بِه صلى الله عليه وسلم، فلا بُدَّ مِنْ
تَصْديقِه فِيما أَخْبرَ بِهِ عليه الصلاة والسلام مِنْ المغَيَّبَاتِ المَاضِيَةِ
وَالمسْتَقْبَلَةِ، وفيما أَخْبرَ بِه مِنَ الأَوَامِرِ وَالنَّواَهِي، لاَ بُدَّ
مِنْ تَصْدِيقِهِ وَعَدَمِ الشَّكِّ في شَيءٍ ممَّا جاءَ بِه عليه الصلاة والسلام،
كَمَا قَالَ اللهُ جل وعلا فِي حَقِّهِ: ﴿وَمَا
يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى *إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3- 4]، وَكَمَا قَالَ جل
وعلا: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ
فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: 7]، وَتَجِبُ طَاعَتُهُ
والاقْتِدَاءُ بِهِ، وَتَرْكُ البِدَعِ وَالمحْدَثَاتِ التِي لَمْ يَأْتِ بِهَا
صلى الله عليه وسلم، فَالخَيْرُ كُلُّه فيما جاءَ بِه الرَّسولُ صلى الله عليه
وسلم، وما لَمْ يَأْتِ بِه فَهُوَ شَرٌّ وليس بخَيرٍ، ولَو كانَ صَاحِبُهُ يُريدُ
بِه الخَيرَ ويَقولُ: هذا زيادةُ خَيرٍ. نَقولُ: لا، هذهِ بِدْعَةٌ، وَالبِدْعَةُ
مَرْدُودَةٌ، وَهَذَا شَرٌّ، فَأَنْتَ بِزَعْمِكَ تَتَقَرَّبُ بِهَا للهِ وَهِيَ
تُبْعِدُكَ عَنْ اللهِ.
فَهَذِهِ بَعْضُ مَعَانِي شَهَادَةِ «أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ»؛ كَذَلِكَ الذِي يَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، ثُمّ يَعْبُدُ غَيْرَ اللهِ، كَحَالَةِ المشْرِكِينَ اليَوْمَ الذِينَ يَدَّعُونَ الإِسْلاَمَ وَهُمْ يَعْبُدُونَ القُبُورَ وَالأَضْرِحَةَ، هَؤْلاءِ لاَ تَصِحُّ شَهَادَتُهُمْ بَأَنَّ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ؛ لأَنَّهُمْ ناقضُوهَا بِالشِّرْكِ، فَهُمْ يَتَلَفَّظُونَ بـ «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» وَلَكِنَّ العَمَلَ عَلَى خِلاَفِهَا،