×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

 فَيَعْبُدُونَ غَيْرَ اللهِ، وَيَدْعُونَ غَيْرَ اللهِ، ويَسْتَغِيثُونَ بِالأَمْوَاتِ، فَهَؤْلاءِ لَمْ يَشْهَدُوا أَنَّ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ حَقًّا، وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي الإِسْلامِ؛ لَأنَّهُمْ يَتَنَاقَضُونَ.

الرُّكْنُ الثَّانِي: إِقَامُ الصَّلاةِ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ» أَيْ: تُؤَدِّي الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ المفْرُوضَةَ فِي اليَوْمِ وَاللّيلَةِ، مَا مَعْنَى تُقِيمُهَا؟ لأَِنَّهُ مَا قَالَ: وأَنْ تُصَلِّيَ، إِنّما قَالَ: «وَتُقِيمَ الصَّلاةَ»؛ لأَنَّ المقْصُودَ إقَامَةُ الصَّلاَةِ، وَلَيْسَ المقْصُودُ صُورَةَ فَقَطْ، فَتُقِيمُ الصَّلاةِ بَأَنْ تَأْتِيَ بِهَا كَمَا جَاءَ بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»([1])، فَالذِي رَآهُ بِعَيْنِهِ يَقْتَدِي بِهِ، وَالذِي بَلَغَهُ خَبَرُهُ وَأَحَادِيثُهُ الصَّحِيحَةُ يِمْتَثِلُ وَيُصَلِّي كَمَا فِي الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ التِي بَلَغَتْه، هَذَا مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاَةِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الصِّفَةِ التِي كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُؤَدِّي الصَّلاَةَ بِهَا، وَلاَ يُزِيدَ مِنْ عِنْدِهِ، أَوْ يُنْقِصَ مِنْهَا.

وَكَذَلِكَ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاَةِ: أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي الوَقْتِ الَّذِي حَدَّدَهُ اللهُ لَهَا، قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء: 103]، فَلاَ يُخْرِجهَا عَنْ وَقْتِهَا؛ لأَِنَّ المقْصُودَ أَنْ يُصَلِّيَ كَمَا أَمَرَهُ اللهُ، وَاللهُ أَمَرَكَ أَنْ تُصَلِّيَ الصَّلاَةَ فِي وَقْتِهَا، وَقَدْ سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الأَْعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ عز وجل ؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ لِوَقْتِهَا»([2])، أَمَّا مَنْ يَتَصَرَّفُ وَيُصَلِّي عَلَى هَوَاهُ مَتَى مَا أَرَادَ وَمَتَى مَا قَامَ مِنْ نَوْمِهِ أَوْ فَرَغَ مِنْ شُغلِهِ،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (631).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (527)، ومسلم رقم (85).