×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

 الصَّيَامِ لِكِبَرٍ وَهَرَمٍ أَوْ لِمَرَضٍ مُزْمِنٍ فَإِنَّهُ يَفْدِي، قال تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة: 184]، كُلَّ يَومٍ يُطْعِمُ مِسْكِينًا فِدْيَةً عَنْ الصِّيَامِ، إِذَا كَانَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَصُومَ لاَ أَدَاءً وَلاَ قَضَاءً.

الرُّكْنُ الخَامِسُ: حَجُّ بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيِلاً.

والحَجُّ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ: القَصْدُ.

وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ: فَهُوَ قَصْدُ البَيْتِ الحَرَامِ لأَدَاءِ مَنَاسِكِ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ تَقَرُّبًا إِلَى اللهِ جل وعلا، فَالحَجُّ وَالعُمْرَةُ عِبَادَتَانِ للهِ عز وجل وَلَكِنَّ مَكَانَهُمَا وَمَحِلَّهُمَا فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ وَمَا حَوْلَهُ مِنَ المَشَاعِرِ، فَلَوُ أَنَّهُ حَجَّ إِلَى غَيْرِ الكَعْبَةِ، فَلَنْ يُقْبَلَ حَجُّه، وَإِذَا اعْتَقَدَ أَنَّهُ يَحُجُّ إِلَى قَبْرٍ أَوْ إِلَى ضَرِيحٍ أَوْ إِلَى بِنَايَةٍ أَوْ إِلَى شَجَرٍ فَإِنَّهُ يَرْتَدُّ عَنْ دِينِ الإِسْلاَمِ، فَلَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ يُحَجُّ إِلَيْهِ إلاَّ بِيْتُ اللهِ عز وجل البَيْتُ العَتِيقُ، فَتُؤَدَّي مَنَاسِكُ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ عِنْدَه وَحَوْلَهُ، كَمَا أَمَرَ اللهُ، وَالحَجُّ فِي زَمَنٍ مَخْصُوصِ، كَمَا قال تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [البقرة: 197]، وَأَمَّا العُمْرَةُ فَفِي كُلِّ السَّنَةِ لَيْسَ لَهَا وَقْتٌ مُحَدَّدٌ.

وقال تعالى: ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران: 97]، لَمَّا كَانَ الحَجُّ يَحْتَاجُ إِلَى نَفَقَةٍ، وَيَحْتَاجُ إِلَى مَؤُونَةٍ، وَيَحْتَاجُ إِلَى سَفَرٍ، وَفِيهِ مَشَقَّةٌ، شَرَطَ اللهُ لوُجُوبِهِ الاسْتِطَاعَةَ، فَالاسْتِطَاعَةُ تَكُونُ بِالمَالِ، وَتَكُونُ بِالبَدَنِ، فَمَنْ اسْتَطَاعَ بِبَدَنِهِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَالٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ حَجٌّ، وَمَنِ اسْتَطَاعَ بِمَالِهِ وَلَكِنْ لاَ يَسْتَطِيعُ بِبَدَنِهِ فَإِنَّه يُوَكِّلُ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ، وَلَما كَانَ الحَجُّ شَاقٌّا وَبَعِيدَ المكَانِ عَلَى بَعْضِ المُسْلِمِين، يَسَّرَهُ اللهُ وَجَعَلَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي


الشرح