×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

العُمْرِ مَعَ الاسْتِطَاعَةِ، وَمَا زَادَ عَنْ المَّرةِ الوَاحِدَةِ فَإِنَّهُ تَطَوُّعٌ، كَمَا فِي الحدِيثِ أَنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا»، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلُّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلاَثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ»([1])، فالحَجُّ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ - وَلِلَّهِ الحَمْدُ - هَذَا هُوَ الفَرْضُ، وَمَا زَادَ عَنْ المَرَّةِ فَهُوَ تَطَوُّعٌ.

فَهَذِهِ أَرْكَانُ الإِسْلاَمِ الخَمْسَةُ، وَالحَجُّ مَعَهُ العُمْرَةُ؛ لأَِنَّ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ حدِيثِ عُمَرَ رضي الله عنه: «وَأَنْ تَحُجَّ وَتَعْتَمِرَ»، وَالعُمْرَةُ تُسَمَّى الحَجَّ الأَصْغَرَ.

ثُمَّ سَأَلَهُ عَنِ الإِيمَانِ، فَقَالَ: «أَخْبِرْنِي عَنْ الإِْيمَانِ»، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ».

فَالإِيمَانُ: هُوَ هَذِهِ الأَرْكَانُ البَاطِنَةُ.

وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: التَّصْدِيقُ الجَازِمُ الذِي لاَ يَعْتَرِيه شَكٌّ.

وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ: فَهُوَ قَوْلٌ بِاللِّسَانِ واعْتِقَادٌ بِالقَلْبِ، وَعَمَلٌ بِالجَوارِحِ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ وَيَنْقُصُ بِالمعْصِيَةِ، هَذَا هُوَ الإِيمَانُ عِنْدَ أَهُلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، خِلاَفًا للمُرْجِئَةِ الذِينَ يَقُولُون: الإِيمَانُ هَوَ التَّصْدِيقُ بِالقَلْبِ، أَوِ التَّصْدِيقُ بِالقَلْبِ وَالنَّطْقُ بِاللِّسَانِ فَقَطْ، وَلاَ يَدْخُلُ العَمَلُ فِيه.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1337).