×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

 هَذَا قَوْلٌ مَرْدُودٌ، فَلاَ بُدَّ مِنَ العَمَل، وَلاَ يَكُونُ الإِنْسَانُ مُؤْمِنًا بِدُونِ العَمَلِ، حَتَّى وَلَوْ صَدَّقَ بِقَلْبِهِ، وَلَوُ نَطَقَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَقُمْ بِالعَمَلِ وَلَيْسَ لَهُ عُذْرٌ يَمْنَعُهُ مِنْهُ فَلَيْسَ بِمؤْمِنٍ؛ لأَنَّ اللهَ سبحانه وتعالى ذَكَرَ الإِيمَانَ مَقْرُونًا بِالعَمَل فِي كَثِيرٍ مِنَ الآيَاتِ، وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى ذِكْرِ الإِيمَانِ فَقَطْ، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ *الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ *أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال: 2- 4]، وَقال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحجرات: 15].

وَفِي الحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الإِْيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَْذَى عَنْ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الإِْيمَانِ»([1])، هَذَا الحَدِيثُ فِيهِ أَنَّ الإِيمَانَ: قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَاعْتِقَادٌ؛ لأَِنَّهُ قَالَ: «أَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ» هَذَا قَوْلٌ بِاللِّسَانِ، «وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَْذَى عَنْ الطَّرِيقِ» وَهَذَا عَمَلٌ «وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الإِْيمَانِ» وَهَذَا فِي القَلْبِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الإِيمَانَ يَتَكَوَّنُ مِنْ هَذِهِ الأُمُورِ الثَّلاَثَةِ، فَمَنْ تَرَكَ العَمَلَ نِهَائِيًّا وَلَمْ يَعْمَلْ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ وَإِمْكَانِيَّةِ العَمَلِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ، أَمَّا مَنْ تَرَكَ بَعْضَ العَمَلِ، فَهَذَا قَدْ يَكْونُ كَافِرًا، وَقَدْ يَكُونُ نَاقِصَ الإيمَانِ، فَإِذَا تَرَكَ الصَّلاَةَ فَهُوَ كَافِرٌ،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (9)، ومسلم رقم (35).