حديثِ ابْنِ عُمرَ الآتِي، قَال صلى الله عليه
وسلم: «بُنِيَ الإِْسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ
اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ...»([1]) الحديث، فهذه
الخَمسُ هِيَ مَبانِيه، أَي: قَواعِدُه وأَسَاساتُه.
فَذَكَرَ أَنَّ
الإِسْلاَمَ خَمْسَةُ أَرْكَانٍ، وَهِي: «شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ
اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ
الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ لَمنْ
اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيْلاً»، هَذِهِ الأَرْكَانُ الظَّاهِرَةُ.
الرُّكْنُ
الأَوَّلُ: الشَّهَادتانِ؛ لأنه لا تُغنِي إحْداهُما عَنِ الأُخْرى، فَلَو شَهدَ «أَنْ
لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» وَأَنْكرَ «أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ»
فإِنَّهُ لا تَصِحُّ شَهَادتُه «أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ»؛ وكَذلكَ
مَنْ شَهِدَ «أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» وَلَمْ يَعْتَرِفْ «أَنْ
لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» لَمْ تَنْفَعْهُ شَهَادَتُه بِالرِّسالةِ، فلا بُدَّ مِنَ
الشَّهَادَتَيْنِ جَمِيعًا:
شَهَادَةُ «أَنْ
لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ»؛ ومعْنَاها: إِفْرَادُ اللهِ بِالْعبَادةِ.
وَشَهَادةُ «أَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» ومعْنَاها: إِفْرادُ النَّبِيِّ بِالاتِّباعِ
والاقْتِداءِ عليه الصلاة والسلام؛ لأَنَّه مُبَلِّغٌ عَنِ اللهِ جل وعلا. فلَيْسَ
المُرادُ بِالشَّهادتَيْنِ التلفُّظَ بِهما فَقطْ، بَلْ لا بُدَّ مِنَ الْعَمل
بِهما.
وَمَعْنَى «شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ»، أَيْ: أَعْتَرِفُ وأُوقنُ بأَنَّه لا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إلاَّ اللهُ؛ فَإِنَّ «لاَ» نَافِيَةٌ لِلْجِنْسِ، وَ«إِلَهَ» اسْمُها مَبْنِيُّ معها على الفَتْحِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ، وَالخَبَرُ مُقَدَّرٌ تَقْدِيرُهُ «بِحَقٍّ»، فَيَكُونُ تَقْدِيرُ الكلامِ: لا إِلَهَ بِحَقٍّ، وَلَيْسَ مَعْنَى «لاَ إِلَهَ» أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ آلِهةٌ، فَلَيسَ المُرَادُ نَفْيَ الآلِهَةِ،