×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

فلا تُقدِّم على محبَّةِ اللهِ ورسولِه أحدًا من الخَلْق، أوَّل شيءٍ محبَّة اللهِ جل وعلا، ثمَّ محبَّة الرَّسول صلى الله عليه وسلم، مع اتِّباعِه وطاعتِه والعملِ بسُنَّتِه ظاهِرًا وباطِنًا، واجتنابِ الكذِبِ عليه صلى الله عليه وسلم، فلا تَنسِب إليه شَيئًا لم يَرِدْ عنه؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى غَيْرِي؛ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ»([1])، فلا تَنسِبْ إلى الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم إلاَّ ما ثبَتَ بروايةِ الثِّقات، فإذا كُنتَ تعرِفُ السَّنَد، وتعرِف الرِّجال، فلا تَسنِدْ إلى الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم إلاَّ ما تَحقَّقْتَ من صِحَّتِه، وإذا كُنتَ لا تعرِفُ هذا فإنَّك تَرجِعُ إلى أمَّهاتِ السُّنةِ والكتبِ الصِّحاحِ التي اعتنى أهلُها بصِدقِ الرِّوايةِ وثُبوتِها عن الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، وما لمْ يَثبُتْ فإنَّك لا تُبادِر بنِسبَتِه حتَّى تتأكَّدَ من صِحَّتِه، ثمَّ مع هذا تعمل بسُنَّةِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم.

وليسَ المُرادُ مُجرَّدَ حفظِ الأحاديثِ دونَ فهمِ معانيها، بل لا بُدَّ أنْ تفهمَ المعاني من أجْلِ أن تعمَلَ بها؛ لأنَّه لا يُمكِن أنَّك تعمَلُ بها وأنتَ لا تعرِفُ معانيها، وليس لك أن تُفسِّرَها من عندِك دونَ التَّثبُّت من معانيها، فلا تقُل: قال رسولُ اللهِ كذا، ومعناه كذا، حتَّى تُراجِعَ المعانيَ الصَّحيحة، ممَّا ثبَتَ عندَ أهلِ العلمِ الثِّقَات، فأنتَ لا تنسِبُ إلى الرَّسولِ إلاَّ لفَظ الحديث، ولا تَنسِبُ إليه المعاني إلاَّ ما وَقَفْتَ على صِحَّتِه إمَّا بنَفسِك إذا كنتَ أهلاً لذلك، أو تَسأل أهلَ العلم، أو تُراجِع كُتبَ الصِّحاحِ المُدوَّنةِ التي تَلقَّتْها الأمَّة بالقَبُول؛ كصَحيحِ البُخاريِّ، وصحيحِ مُسلِم، وصحيحِ ابنِ حِبَّان وابنِ خُزَيمة، وكذلك ما صحَّ من


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1291)، ومسلم رقم (4).