النَّصحيةِ لوُلاةِ الأُمُور، ولا مِن إنكارِ
المُنكَر.
وكذلك من النَّصيحةِ
لوُلاةِ الأمورِ الدُّعاءُ لهم بالصَّلاحِ؛ لأنَّ صلاحَهم صلاحٌ للأُمَّة، أمَّا
الذي يدعُو عليهم؛ لأنَّ بعضَ النَّاسِ أو الذي عندَه غيرةٌ شديدةٌ مع جَهلٍ يدعو
عليهم، هذا ليسَ من النَّصيحة، الواجِبُ الدُّعاءُ لهم بالصَّلاحِ والاسْتِقامة،
يُدعَى لهم في الخُطَب، ويُدعى لهم في المجالسِ بالصَّلاح، لا تَمْدحْهُم بما ليس
فيهم، ليسَ المطلوبُ أنَّك تمدَحُهم أو تُثنِي عليهم، المطلوبُ أنَّك تدعو لهم
بالصَّلاحِ والاستقامةِ والهِداية.
ولهذا كان الفُضَيلُ
بنُ عِياض رحمه الله يقول: «لَوْ عَلِمْتُ أنَّ لِي دَعْوةً مُسْتَجَابةً لِصرفتها
لِلسُّلْطَان»، وهذا من فِقهِه رحمه الله؛ لأنَّ صلاحَ المسلمين بصَلاحِ
السُّلطان، فمن النَّصيحةِ لوُلاةِ الأُمورِ أنْ تدعُوَ لهم.
وقد سمِعنا أنَّ
بعضَ المتعالمين يقول: الدُّعاء لهم من النِّفاق. أو يقول: هذا يُبرِّر ما هُم
عليه من الخَطأ.
نقول له: أنتَ
إنَّما تدعُو لهم بالصَّلاحِ والاستقامة.
ويقولُ بعضُهم
أيضًا: إنَّ الدُّعاءَ لهم من المُدَاهنة، وهذا لم يرِدْ عن السَّلف.
نقوله له: إنَّ النَّصيحةَ لأئمَّةِ المسلمين أعظمُها الدُّعاءُ لهم بالصَّلاح، وقد وَرد عن السَّلفِ أنَّهم كانوا يدعُون لوُلاةِ الأُمُور، حتَّى أنَّهم نصُّوا أنَّه يُدعَى لهم في خُطَبِ الجُمَع والأعياد، فهذا أمرٌ معروفٌ عندَ الأُمَّة، ولا يُنكِرُه إلاَّ جاهل، أو مَن في قلبِه غِلٌّ وحِقد.