×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

 الكفَّارَ إذا لم يُجَاهَدوا نَشروا الكفرَ وصدُّوا النَّاسَ عن الدُّخولِ في الإسلام، فهو حَربُ إصلاحٍ لا حربُ إفسادٍ وتدميرٍ مثل حروب الكفَّارِ الذين يتَسلَّطون على النَّاسِ للتدميرِ والإفسادِ في الأرضِ ونَشْر الكُفر. فالقتالُ في الإسلامِ شُرِعَ لغرضٍ سام، ومَقْصَد نبيل، ورحمة بالبشريَّة، أمَّا القتالُ عند الكفَّارِ فهو لمصلحةِ الظَّالمِ والغاشِمِ فقط؛ ولهذا جاءَ في الحديث: «عَجِبَ رَبُّكَ مِنْ قَوْمٍ يُسَاقُونَ إِلَى الْجَنَّةِ فِي السَّلاَسِلِ»([1]) يعني: يُقاتَلَون ويُؤسَرُون ثمَّ يَدخُلُون في الإسلام ويدخُلُون الجنَّة، دلَّ على أنَّ القتالَ في الإسلامِ لغرضٍ نبيل، ومقصدٍ شَريف، وهو لمصلحةِ البشريَّةِ لا لإلحاقِ الضَّررِ بها، هذا هو الفَرْقُ بينَ القتالِ في الإسلام، والقتالِ في غيرِ الإسلام.

قال: «إِلاَّ بِحَقِّ الإِْسْلاَمِ» يعني: مَن شَهِد أنْ لاَ إلهَ إلاَّ الله، وأنَّ محمَّدًا رسولُ الله، فإنَّه قد عُصِمَ دمُه ومالُه، فلا يجوزُ الاعتداءُ عليه، إلاَّ إذا أخَلَّ بحقٍّ من حقوقِ الإسلام، بأنِ ارتكبَ ناقضًا من نَواقِضِ الإسلام، فإذا ارتكَبَ ناقضًا من نواقضِ الإسلامِ حلَّ دَمُه، ووَجَب قتلُه؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» «[2])، وقال: «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» «[3]) فإذا ارتكَب ناقضًا من نواقض الإسلام فإنّه


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3010).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (3017).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (6878)، ومسلم (1676).