×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

في أهلِ العِلمِ ووُلاةِ الأُمُور، ويَدَّعِي أنَّهم لا يُحسِنُون وأنَّهم وأنَّهم، ويُشيعُ ذلكَ بين النَّاس، كما هُوَ الوَاقعُ الآن، وهذا من نَقصِ دِينِ الإنسان.

فيَجِبُ على الإنسانِ أنْ يَخافَ على دِينِه، فلا يَدخُلُ في شَيءٍ ليسَ من ورائِه مَصلحةٌ لا لَه ولا لِغيرِه، بل يكونُ مَفْسدةً، فعَلى المُسلمِ أنْ يتذكَّرَ هذا الحَديث، وأنْ يَجعلَه مِنهاجًا له في حياتِه، فما كان يَعْنيه، وهو مُكلَّفٌ به، ويُحسِنُ الدُّخولَ فيه، ويترتَّبُ على دخولِه فيه مَنْفعة، عليه أن يَتدخَّل، وما كان لا يُحسِنُه، أو لا يُجدِي دخولُه فيه، وليسَ مُكلَّفًا أن يَدخُلَ فيه، وليسَ من شُؤُونِه، فعليه تَجنُّبه، وإذا كانَ يريدُ خيرًا فإنَّه يُبلِغُ المسؤولين وأهلَ العِلمِ بما يَحدُثُ وبمَا يَلتمِس له الحُلُول، فيكونُ مُجرَّدَ ناصِحٍ للهِ ولكتابِه ولرسولِهِ ولأئمَّةِ المُسلمين وعامَّتِهم، ويَردُّ الأمورَ إلى أهلِها، قال تعالى: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ [النساء: 83]، فيرُدُّ الأمْرَ إلى أهلِه، أمَّا هو فلا يتدخَّلُ فيه بِحُكمٍ وهو ليسَ من شُؤونه، وليسَ لتَدخُّلِه فيه فائدة.

فهذا حديثٌ عظيم، ومنهجٌ قَويم، لو سَار عليه كلُّ مسلمٍ لحَصَل في ذلك الخيرُ الكَثير، وانحلَّتِ المَشَاكل، وتآلفَتِ القُلُوب، وتعاونَ المُسلمون فيمَا بينَهم، لكنْ إذا صارَتِ الأمورُ فَوْضى، وكلٌّ يتدخَّلُ فيمَا لاَ يَعْنيه، حصَل في ذلك الفَسادُ والشَّرُّ، واختلافُ الرَّأي، وعدمُ الثِّقةِ بأهلِ الحِلِّ والعَقْد والمَسْؤولين، ثمَّ تَنتشِرُ الفَوضَى بينَ النَّاسِ، وهذا هُو


الشرح