النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم سألَهم فقالَ: «هَلْ
تَدْرُونَ كَمْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَْرْضِ؟» قَالَ: قُلْنَا: اللهُ
وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ،
وَمِنْ كُلِّ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ، وَكِثَفُ كُلِّ سَمَاءٍ
خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ»([1])، فهاتانِ
الكَلمتانِ إذا قالَهما الإنسانُ بصِدقٍ ونِيَّةٍ خالصَةٍ يَملآنِ ما بَينَ
السَّماءِ والأرضِ على سَعَةِ ما بينَ السَّماءِ والأرضِ؛ لعِظَمِ هاتيْنِ
الكلمتَيْنِ، لا للَفْظِهما، ولكنْ لمَعناهُما والعملِ بهما، فليسَ المَقصودُ
التَّلفُّظَ باللِّسانِ فقط، بل لابدَّ أنْ يَعملَ بهما.
قالَ: «وَالصَّلاَةُ
نُورٌ» الصَّلاةُ المَفروضةُ والنَّافلةُ نُورٌ في الوَجْهِ، فتَجدُ
المُضيِّعينَ للصَّلاةِ على وُجوهِهم الظَّلْمَةُ والكُدْرَةُ -والعياذُ باللهِ-
وتَجدُ المحافظينَ على الصَّلواتِ والمُتهجِّدينَ في اللَّيلِ على وُجوهِهم
الضِّياءُ والنُّورُ والبشاشةُ، هذا شيءٌ واضحٌ للنَّاسِ إذا تأمَّلْتَه،
فالصَّلاةُ نورٌ لك في وَجهِك، ونورٌ لك على الصِّراطِ، ونورٌ لك في سُلوكِك
وحياتِك، قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلاَةَ
تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [العنكبوت: 45]، وقال: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ
وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45]، فالصَّلاةُ أمرُها عظيمٌ.
قال: «وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ» الصَّدقةُ: هيَ إخراجُ المالِ في طاعةِ اللهِ، وقولُه: «بُرْهَانٌ» أي: دليلٌ على صحَّةِ الإيمانِ؛ لأنَّه لا يَجودُ بالمالِ مع حُبِّه له إلاَّ مَن في قَلْبِه إيمانٌ، وإلاَّ فالماُل مُحبَّبٌ إلى النَّفسِ، والنَّفسُ شَحيحةٌ، فإذا قدَّمَه الإنسانُ في طاعةِ اللهِ فهذا بُرهانٌ على
([1]) أخرجه: أحمد رقم (1770)، وأبو يعلى رقم (6713)، والحاكم رقم (3137).