إيمانِه، حيثُ رَخُصَ عندَه المالُ في طاعةِ
اللهِ عز وجل.
أمَّا المُنافقُ فهو
لا يَتصدَّقُ، بل يَقبِضُ يديه عَنِ الصَّدقةِ، قال تعالى: ﴿وَلاَ يُنْفِقُونَ إِلاَّ
وَهُمْ كَارِهُونَ﴾ [التوبة: 54]، وقال: ﴿وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ﴾ [التوبة: 67]، فالصَّدقةُ بُرهانٌ على الإيمانِ، وقِلَّةُ
الصَّدقةِ أو عدمُها دليلٌ على النِّفاقِ، كما وَصفَ اللهُ المُنافقينَ بذلك.
قالَ: «وَالصَّبْرُ
ضِيَاءٌ» الصَّبرُ: وهوَ حَبْسُ النَّفْسِ على طاعةِ اللهِ، وهو ثلاثةُ
أقسامٍ:
الأوّل: صبرٌ على طاعةِ
اللهِ، فالواجِبُ على العبدِ مُلازمةُ الطَّاعةِ ولو شَقَّت على نَفْسِه؛ لأنَّ
الطَّاعةَ ليست سَهلةً، فالَّذي يُصلِّي كلَّ يوْمٍ خمسَ مرَّاتٍ ويقومُ مِن اللَّيلِ،
يَحتاجُ إلى صَبرٍ، والَّذي يُنفقُ الأموالَ، ويُجاهِدُ في سبيلِ اللهِ، ويأمرُ
بالمَعروفِ وينهى عنِ المُنكرِ، ويدعو إلى اللهِ، يحتاجُ إلى صبرٍ على طاعةِ
اللهِ، والَّذي ليس عندهُ صبرٌ لا يُواصِلُ الطَّاعةَ، فيَنشَطُ في أوَّلِ يومٍ
وثاني يومٍ ثمَّ يَتعَبُ ويَترُكُ الطَّاعةَ، ولو كان عندهُ صبرٌ لاستَمرَّ عليها.
الثّاني: صبرٌ عن مَحارِمِ
اللهِ، لا شكَّ أنَّ النَّفْسَ أمَّارةٌ بالسُّوءِ - إلاَّ مَن رحِمَ اللهُ -
تُريدُ الشَّهواتِ والمُحرَّماتِ، وتُريدُ أنْ تُصبِحَ مِثْلَ النَّاسِ
وتُسايرَهم، فالمُؤمنُ يصبِرُ ويَحبِسُ نَفْسَه عنِ الحرامِ، ولا يَغترُّ بكَثرةِ
الواقِعينَ في الحرامِ.
الثّالث: صبرٌ على أقدارِ اللهِ المُؤْلمةِ، فيَنبغي للمسلمِ أنْ يَصبِرَ إذا أصابَتْه مُصيبَةٌ في مالِه، أو في نَفْسِه، أو في أَهْلِه وأقارِبه، ولا يَجزعَ،