ولا يَتسخَّطَ، ويَرضى بقضاءِ اللهِ وقَدرهِ
ويُسلِّمَ أمرَه إلى اللهِ؛ لأنَّه يَعلمُ أنَّه ما مِن شَيءٍ يَحدُثُ له مِن خيرٍ
أو شرٍّ إلاَّ بتَقديرِ اللهِ جل وعلا، فليسَ له حِيلةٌ، فإذا صبرَ فَلَه أجرٌ،
وإن لم يَصبِرْ فالمُصيبةُ ماضيَةٌ ويُحرَمُ الأجرَ، فكما أنَّه يَشكُر اللهَ على نِعَمِه،
عليه أنْ يصبِرَ عندَ المَصائبِ.
وفي قوْلِه صلى الله
عليه وسلم: «وَالصَّلاَةُ نُورٌ،... وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ» النُّورُ
والضِّياءُ سواءٌ لكنَّ الضِّياءَ أشدُّ، قال تعالى: ﴿هُوَ
الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا﴾ [يونس: 5]، لا شكَّ أنَّ
الشَّمسَ بحَرارتِها الشَّديدةِ أشدُّ منَ القَمرِ، فالصَّبرُ يَحمِلُ الإنسانَ
على الاستِمرارِ في الطَّاعةِ حيثُ يُضِئُ له الطَّريقَ وإذا نَزلَتْ به مَشاقُّ
أو مكارِهُ فإنَّ الطَّريقَ يكونُ أمامَه واضِحًا ولا يَلتَبسُ عليه.
قال: «وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ» القُرآنُ الَّذي أَنزلَه اللهُ على رسولِه صلى الله عليه وسلم؛ لِهدايَةِ النَّاسِ وبَيانِ الحقِّ منَ الباطلِ، إن عَمِلْتَ به صارَ حجَّةً لك عندَ اللهِ يومَ القيامةِ، وإنْ تَركْتَه صارَ حجَّةً عليك، وليس لك عُذْرٌ في عدمِ العملِ بما جاءَ في القُرآنِ؛ لأنَّ القُرآنَ جاءَك، فهو يُتْلَى في المَساجدِ، وفي المَجالسِ، وفي الإذاعاتِ، وأيضًا القُرآنُ مُيسَّرٌ لكلِّ مَن يُريدُ تَعَلُّمَه، وهذا من إقامةِ الحجَّةِ على النَّاسِ، فلا تَزالُ تَرى المصحفَ، ولا تزالُ تسمعُ القارئَ، ولا تزالُ تقرأُ أنت، فقد بَلَغَك القرآنُ، فليس لأحَدٍ عُذرٌ يومَ القيامةِ أن يقولَ: ما عَلِمْتُ وما بَلَغَني شيءٌ، قال تعالى: ﴿قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ ﴾ [المؤمنون: 66]، فالقرآنُ حُجَّةٌ لك إن عَمِلْتَ به، أو حُجَّةٌ عليك إن تَرَكْتَه ولم تَعملْ به.