يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف: 49]، وقال: ﴿أَحْصَاهُ
اللَّهُ وَنَسُوهُ﴾ [المجادلة: 6]، أنتَ تَنساهُ ولا
كأنَّك فَعَلْتَ شَيئًا، ولكنْ هو مُدَوَّنٌ عليكَ وستواجِهُه يومَ القِيامةِ،
فتَنبَّهْ لنَفْسِك ولا تُغامِرْ ولا تُخاطِرْ بها، لا تَظُنُّ أنَّك مَغفولٌ عنك،
ولا تَظُنَّ أنَّ ما مِن أحَدٍ يَتمكَّنُ منك، بل أنتَ تَحتَ نَظرِ اللهِ سبحانه
وتعالى لا تَخْفى عليه، وأنتَ مُراقَبٌ عنِ اليَمينِ وعنِ الشِّمالِ، قال تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ
لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]، ﴿إِذْ يَتَلَقَّى
الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ﴾ [ق: 17]، قعيدٌ لكَ مُجالِسٌ لكَ وأنتَ لا تراهُ منَ
المَلائكةِ، باللَّيلِ والنَّهارِ، كما قالَ صلى الله عليه وسلم: «يَتَعَاقَبُونَ
فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ»([1])، يُحصُون عليكُم
أعمالَكُم، «ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا» يومَ القِيامةِ.
قالَ: «فَمَنْ
وَجَدَ خَيْرًا» أي: جزاءً حَسنًا، «فَلْيَحْمَدِ اللهَ» ولا يَقُلْ:
هذا مِن كَسْبِي، أو أنا حَصَّلْتُ هذا، بلْ يَحمَدُ اللهَ جل وعلا لأنَّ الفَضلَ
منَ اللهِ وعِلْمُك لا يُساوي شَيئًا، ولو أَجْهدتَّ نَفْسَك اللَّيلَ والنَّهارَ،
فإنَّ عَملَك لا يُقابِلُ نِعَمَ اللهِ عَليكَ، ولكنَّ اللهَ يَتفضَّلُ عليكَ،
ويُضاعِفُ لكَ الحَسناتِ فَضلاً منهُ سبحانه وتعالى، فلا تَقُلْ هذا عمَلِي، أو
أنا أسْتحقُّ هذا؛ بل عَليكَ أن تَحْمَدَ اللهَ؛ لأنَّه فَضْلٌ منَ اللهِ سبحانه
وتعالى.
قال: «وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ» يعني: غَيرَ الخَيرِ، «فَلاَ يَلُومَنَّ إلاَّ نَفْسَهُ» لأنَّه بِسَببِه وعمَلِه، فعَليكَ أنْ تلُومَ نفْسَك؛ لأنَّ هذا ما قَدَّمْتَه لنَفْسِك، فلا تَلُمْ أحدًا، أو تَقُلْ: هذا ظُلْمٌ، أو أنا أعْمَلُ هذا، أو لا أسْتَحِقُّ هذا، إنَّما هذا جَزاءُ عَملِك، فسَتُواجِهُ عمَلَك دَقيقَه وجَليلَه
([1]) أخرجه: البخاري رقم (555)، ومسلم رقم (632).