×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

 تَركَها، فهيَ عُبوديَّةٌ خاصَّةٌ، قال تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ [الحجر: 42]، ﴿إِنَّ عِبَادِي المرادُ العُبوديَّةُ الخاصَّةُ وهم المُؤمنونَ، ليس للشَّيطانِ عَلَيهم سُلطانٌ؛ لأنَّ اللهَ قد حَماهُم منه، بسَببِ أنَّهم لجأُوا إلى اللهِ وعبدُوه سُبحانَه، فهذِه عُبوديَّةٌ خاصَّةٌ. فاللهُ يُخاطِبُ جميعَ العبادِ - العبوديَّةَ العامَّةَ، والعبوديَّةَ الخاصَّةَ - فيقولُ: «يَا عِبَادِي» بهذَا النِّداءِ الإلَهيِّ.

قوْلُه سُبحانه: «إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا» الظّلمُ في اللُّغةِ: وضْعُ الشَّيءِ في غيرِ مَوضِعِه، وهوَ ثلاثةُ أقسامٍ:

القِسمُ الأوَّلُ: ظُلمٌ بينَ العبدِ ورَبِّه، وذلك بالشِّركِ، وهذا لا يَغفِرُه اللهُ، قال تعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان: 13]، و قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ [الأنعام: 82]، يعني بشِركٍ، هذا لا يَغفِرُه اللهُ إلاَّ بالتَّوبةِ، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء: 48].

النَّوعُ الثَّاني: ظُلمٌ بينَ العبدِ ونَفْسِه، وذلك بالمعاصي والسَّيِّئاتِ فهوَ الَّذي ظَلَمَ نَفْسَه، يعني وَضَعها في غيرِ مَوضِعِها اللاَّئِقِ بها، ظَلَمَ نَفْسَه فيما دُونَ الشِّركِ، وهذا يَغفِرُه اللهُ سبحانه وتعالى لِمَن يَشاءُ، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء: 48].

النَّوعُ الثَّالثُ: ظُلْمٌ بينَ الإنسانِ والنَّاسِ، بالتَّعدِّي علَيهم في أمْوالِهم وأعراضِهم ودِمائِهم، وهذا لا يَغفِرُه اللهُ إلاَّ إذا سَمَحَ المَظلُومون،


الشرح