×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

 وحاجَتِه إلى اللهِ، إذا كانَ لا يَمْلِكُ طعامَه، ولا يَملِكُ كِسوَتَه، إلاَّ بأنْ يَطلُبَ منَ اللهِ جل وعلا أنْ يمُنَّ عليه، فهذا دليلٌ على ضَعْفِه، ودليلٌ على فَضْلِ اللهِ عز وجل، فهُوَ الَّذي أطعَمنا وسقَانا، وهو الَّذي كَسانا مِن فَضْلِه وإحسانِه سبحانه وتعالى.

قولُه: «يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ» تُخطِئُون: تَعملُون السَّيِّئاتِ، والخَطايا؛ لأنَّ هذهِ طبيعةُ الإنسانِ، أنَّه كثيرُ الخَطإِ، قالَ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ»([1]) فالعِبادُ يُخطِئون خطايا كَثيرةً، وهُم بحاجَةٍ إلى أن يَطْلُبوا منَ اللهِ تَعالى المَغفرَةَ لهذه الخَطايا، ولا أحَدَ مَعصومٌ إلاَّ مَن عَصمَهُ اللهُ سبحانه وتعالى، والعلاجُ أن تَستَغْفِرَ وتُكثِرَ منَ الاستِغفارِ، فإذا استَغْفَرْتَ اللهَ غفرَ لك، «فَاسْتَغْفِرُونِي» أي اطلُبوا منِّي المَغفرةَ لأَخطائِكم، «أَغْفِرْ لَكُمْ» واللهُ غفورٌ رحيمٌ، قال تعالى: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه: 82]، ومِن أسمائِه الغَفورُ والغفَّارُ، فهو سُبحانه كثيرُ المَغفرةِ واسِعُ المغفرةِ لمَن تابَ إليهِ، فلا أحَدَ يُزكِّي نَفْسَه ويقولُ: أنا صالِحٌ، أنا تَقيٌّ، أنا أعمَلَ الطّاَعاتِ. بل لابدَّ أنْ يَقعَ منه أخطاءٌ، فهو بحاجةٍ إلى الاستِغفارِ، مهْما بَلغَ منَ الصَّلاحِ والأعمالِ، واللهُ جل وعلا يَغفِرُ الكُفرَ والشِّركَ لمَن تابَ واستَغْفرَ، ويَغفِرُ ما دُون ذلكَ منَ الذُّنوبِ جميعًا، قال تعالى: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2499)، وابن ماجه رقم (4251)، والدارمي رقم (2727)، وأحمد رقم (13049).