قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فَهُمَا
فِي الأَْجْرِ سَوَاءٌ»([1])، هذا على إِنفاقِه،
وهذا على نِيَّتِه الطَّيِّبةِ.
فهؤلاءِ الصَّحابَةُ
أهمَّهُم هذا الأمْرُ فجاءوا يَشكُونَ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ
لهُم: «أَوَلَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ؟» فتحَ لهم
البابَ، «إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً،
وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً» هذا خَيرٌ
كَثيرٌ، كَلماتٌ يَسيرةٌ وهيَ صدقاتٌ، ولا تَخسَرُ شَيئًا منَ المالِ، «تَسْبِيحَةٍ»
أنْ تقولَ: سُبحانَ اللهِ، «تَكْبِيرَةٍ» أنْ تقولَ: اللهُ أكْبرُ: «تَحْمِيدَةٍ»
أنْ تقولَ: الحمْدُ للهِ، «تَهْلِيلَةٍ» أنْ تقولَ: لا إِله إلاَّ اللهُ،
كُلُّ واحِدَةٍ صُدقةٌ.
كذلكَ «وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ» المَعروفُ: هوَ الطَّاعَةُ والخَيرُ، سُمِّيَ مَعروفًا؛ لأنَّ الفِطَرَ السَّليمَةَ تَعرِفُه، والمُنكَرُ: كلُّ مَعصيَةٍ للهِ فهِيَ مُنكرٌ سُمِّيَ مُنكرًا؛ لأنَّ النُّفوسَ أو الفِطرَ السَّليمةَ تُنكِرُه، فالأمرُ بالمَعروفِ والنَّهيُ عَنِ المُنكرِ أَمْرُهما عظيمٌ في الإسلامِ، قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [آل عمران: 110]، هذا فيه تَعدِّي الخَيرِ منَ الإنسانِ إلى غَيرِه، فلا يَكْفي أن تُصْلِحَ نَفْسَك بل تُحاوِلُ أنْ تُصْلحَ غيرَك، إذا أرشدتَّ غيرَك إلى الخيرِ وحذَّرْتَه من الشَّرِّ فقد تَصدَّقْتَ عليه صَدقَةً عظيمةً؛ لأنَّ اللهَ قد يَنفَعُه بها أكْثرَ ممَّا يَنفَعُه المالُ.