×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

ووَضْعِه في مَكانِه، كذلكَ إذا احتاجَ إلى إِنزالِ متَاعِه تُساعِدُه، كلُّ هذا صدقةٌ منكَ عليهِ، فأنتَ لم تُعْطِه مالاً، لكنَّك أعطَيْتَه الإعانَةَ، واللهُ جل وعلا يقولُ: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِّرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة: 2]، ويقولُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ»([1]) فإذا وجدتَّ ضَعيفًا أو مُحتاجًا يُريدُ أمْرًا منَ الأُمورِ فإنَّك تُعينُه عليه على ما فيه مَصلحَةٌ وخيرٌ لهُ.

قالَ: «وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ» مِثْلُ إفشاءِ السَّلامِ والدُّعاءِ لأخِيكَ، والثَّناءِ عليه مِن غيرِ إطْراءٍ بما يُطيِّبُ خاطِرَه، كلُّ هذا منَ الكلامِ الطَّيِّبِ، والكلامُ الطّيّبُ يكونُ بينَ العَبدِ وبينَ ربِّه بِذكْرِ اللهِ والتَّسبيحِ والتَّهليلِ، ويكونُ بينَ العَبدِ والنَّاسِ، والكلمةُ الطَّيِّبةُ عكسُ الكلمةِ الخبيثةِ، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طِيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ *تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [إبراهيم: 24- 25] ثمّ قال: ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ *يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ [إبراهيم: 26- 27،] و قال تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [فاطر: 10].

فالكلامُ الطَّيِّبُ يكونُ بينَ العبدِ وربِّه بذِكْرِ اللهِ عز وجل، ويكونُ بينَ العبدِ والنَّاسِ بأنْ يُطيِّبَ خَواطِرَهم؛ فإنَّ الكَلمَةَ تَفعلُ مَفعولَها وتُؤلِّفُ بينَ


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2699).