والطَّاعةِ لوَليِّ أمْرِ المسلمينَ، ولكنْ
بالمَعروفِ، أمَّا إذا أَمَرَ بمَعصيَةٍ فإنَّه لا يُطاعُ في المعصيَةِ، قالَ صلى
الله عليه وسلم: «لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ»([1]) لكنْ لا يَنحَلُّ أمرُه، بل لا يُطاعُ فيه هذه
المَعصيةِ، ويُطاعُ في غَيرِها من المَعروفِ.
قال: «وَإِنْ
أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ» هذا من بابِ ضَربِ المِثالِ، يعني: لا يُحتقَرُ
وَلِيُّ الأمرِ مَهما كان، ولو كان عَبدًا، وفي روايةٍ «عَبْدًا حَبَشِيًّا
مُجَدَّعَ الأَْطْرَافِ»([2])، ما دامَ أنَّه
وليُّ أمرِ المُسلمينَ، فلا يُحتقَرُ لشَخصِيَّتِه، وإنَّما يُنظَرُ إلى مَنصِبِه
ووِلايَتِه، ما دامَ تَمَّ له الأمرُ وانعَقدَتْ لهُ البَيعةُ فإنَّها تَجبُ
طاعَتُه، وحتَّى ولو حصَلَ منه مُخالَفاتٌ لا تَصلْ إلى حدِّ الكُفرِ فإنَّه
يُطاعُ؛ لمَا في طاعَتِه منَ المَصالحِ، ولمَا في الخُروجِ عليهِ منَ المَضارِّ
العظيمةِ والمَفاسدِ، مع مُناصَحَتِه وبيانِ الحقِّ له، يعني: لا يَسكُتُ عنه
ويُترَكُ، بل يُناصَحُ، وقد جاءَ في الحديثِ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ,قُلْنَا:
لِمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: لِلهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ،
وَلأَِئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ»([3]).
الثَّالثُ: اتِّباعُ السُّنَّةِ عندَ الاختِلافِ؛ لقوْلِه صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ» هذا إخبارٌ منهُ صلى الله عليه وسلم، وهو عَلَمٌ من أعلامِ نُبوَّتِه؛ فإنَّه أخبَرَ عنِ المُستقبلِ وعَن شيءٍ لم يَحصُلْ بعد، وحصلَ كما أخبرَ صلى الله عليه وسلم، «فَسَيَرَى