يَتمسَّكُ بالحَبلِ الَّذي يُنجِّيه مِن هذا
الشَّيءِ، والحَبلُ الَّذي يُنجِّيكَ مِن هذه المَخاطرِ هو سُنَّةُ الرَّسولِ صلى
الله عليه وسلم، لو انفَلتَ مِنكَ الحبلُ وأنتَ في البَحرِ أو في الماءِ تَغرقُ،
فإذا خَشيتَ أن يَنفَلِتَ من يَديك عَضَّ عليه بالنَّواجِذِ، أي: بأضْراسِك؛
لأنَّه إذا انفلتَ مِنكَ هَلكْتَ، فإذا كَلَّتْ يداكَ مِنَ التَّمسُّكِ به عَضَّ
عليه بأضْراسِك.
وقوْلُه: «تَمَسَّكُوا
بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» هذا تأكيدٌ بعدَ تأكيدٍ
بالتَّمسُّكِ بسُنَّةِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم عندَ الفِتنِ، وعندَ
الاختِلافِ؛ فإنَّ بها العصمَةَ والنَّجاةَ لمَن تَمسَّكَ بها، وَتركَ ما عليهِ
المُخالِفُ للسُّنَّةِ، مهما كان هذا الشَّخصُ أو المُخالفُ.
ثمَّ قالَ صلى الله عليه وسلم: «وَإِيَّاكُمْ» هذا تَحذيرٌ، «وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ» منصوبٌ على التَّحذيرِ، «مُحْدَثَاتِ» مَنصوبٌ وعلامةُ نَصبِه الكسرةُ نِيابةً عنِ الفَتحةِ، لأنَّه جمعُ مُؤنَّث سالمٍ، «وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ» جمعُ مُحدَثةٍ، والمُحدَثُ في الدِّينِ: ما ليسَ له أصْلٌ في كتابِ اللهِ ولا سُنَّةِ رسولِ اللهِ منَ الأمورِ الحوادِثِ، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ»([1])، وفي روايةٍ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»([2])، فما خالَفَ السُّنَّةَ فهو مُحدَثٌ، والمُحدثُ بدعةٌ وضلالةٌ، «فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ» يعني: كلُّ مُحدثَةٍ في الدِّينِ، أمَّا ما أحدَثَ في أُمورِ الدُّنْيا كالمَراكبِ والمَلابسِ والمَساكنِ، هذا ليس بدعةً، هذا منَ المَنافِعِ الَّتي