×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

قال: «وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ» عَمودُ الإسْلامِ الصَّلاةُ، مِثْلُ العَمودِ للخَيمةِ والبَيتِ، فالبَيتُ والسَّقفُ لا يقومُ إلاَّ على عُمُدٍ؛ وكذلك الإسلامُ لا يقومُ إلاَّ على الصَّلاةِ، فلو أنَّك عَمِلْتَ جميعَ أعمالِ الإسلامِ إلاَّ الصَّلاةَ فإنَّه لا يقومُ لك إسْلامٌ؛ كما لو أنَّك أحضَرْتَ الخيمَةَ والأَوتادَ والأطنابَ ولم تُحضِرْ عَمُودًا تُقيمُ به الخَيمةَ لم تَنتَفِعْ بها، فلابدَّ من اجتِماعِ هذه الأمورِ، وأهمُّ شيءٍ العَمودُ، فالصَّلاةُ هيَ عَمودُ الإسلامِ.

قال: «وَذُرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ» الجهادُ في سَبيلِ اللهِ عز وجل، وهو قِتالُ الكفَّارِ لإعلاءِ كَلمةِ اللهِ، وإزالةِ الشِّركِ والكُفرِ مِن الأرضِ؛ لأنَّ اللهَ خَلقَ النَّاسَ لعِبادَتِه، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56]، فإذا عَبدوا غيرَ اللهِ فإنَّهُم يُقاتِلون حتَّى يَرجِعوا إلى الإسلامِ وإلى عِبادةِ اللهِ، إذا استَطاعَ المُسلمون قِتالَهم، وإذا لم يَستَطيعوا فإنَّهم يَصبِرُون إلى أن تَحصُلَ الاستِطاعَةُ وتُسنَحَ الفُرصةُ، فيُقاتِلُونَهم من أجْلِ مَصلحَتهم، فالمسلمون يُقاتلونَ الكفَّارَ من أجْلِ مَصلحةِ الكفَّارِ، لإخراجِهم من الكفرِ إلى الإيمانِ، ومنَ الظُّلماتِ إلى النُّورِ، ومنَ النَّارِ إلى الجنَّةِ، وليس طَمَعًا فيهم أو رَغْبةً في سَفْكِ دِمائِهم أو أَخْذِ أموالِهم، قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ [البقرة: 193]، والجهادُ ذِروةُ سَنامِ الإسلامِ؛ لأنَّه يدُلُّ على قُوَّةِ الإسلامِ؛ لأنَّ السَّنامَ إنَّما يكونُ للبَهيمةِ السَّليمةِ القَويَّةِ، فوُجودُ الجهادِ في الإسلامِ دليلٌ على قُوَّةِ الإسلامِ، وتَركُ الجهادِ يدُلُّ على ضَعفِ الإسلامِ.


الشرح