الذُّنوبِ، وقد يَتكلَّمُ بشَهادةِ الزُّورِ وهي
غَليظةٌ وشديدةٌ، وكذلك يَحلِفُ ويُكثِرُ منَ الإيمانِ، ومنها اليَمينُ الغَموسُ
الَّتي تَغمِسُ صاحِبَها في النَّارِ، فكُلُّه كلامٌ، فإذا استَعْمَلْتَ هذا
اللِّسانَ في الكلامِ الطَّيِّبِ أثْمَرَ لك؛ كالتَّسبيحِ والتَّهليلِ والتَّكبيرِ
وتلاوةِ القرآنِ وذِكرِ اللهِ، وإنِ استَعملْتَه في الكلامِ السَّيِّئ أهْلَكَك
وأوقَعَك في النَّارِ وأنتَ لا تَدري، فقدْ يُصلِّي الإنسانُ في اللِّيلِ ويَصومُ
ويَعملُ الأعمالَ الصَّالحَةَ، ولكنَّه يَجلسُ ويَغتابُ النَّاسَ ويَتكلَّمُ فيهم،
فتَذهَبُ حسناتُه، إمَّا أنَّه يُبْطِلُها بكلمةِ الكُفرِ والشِّركِ والاستِهزاءِ
والسُّخريةِ بالدِّينِ، وإمَّا أنَّه لا يُبطِلُها ولكن يأخُذُها المَظلومونَ منه
يومَ القيامةِ بسَببِ حصائِدِ اللِّسانِ.
فاللِّسانُ خطيرٌ
جدًا، ولهذا حذَّرَ منه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فيجبُ على المُسلمِ أنْ
يحذرَ منَ الكلامِ ولا يتكلَّمَ إلاَّ بِحقٍّ، ولا يتكلَّمَ إلاَّ في كلامٍ يحتاجُ
إليه ويُفيدُ لدِينِه ودُنياهُ، ويَتركُ فُضولَ الكلامِ الَّذي ليس له منه
فائِدَةٌ، فكيفَ بالكلامِ المُحرَّمِ والكلامِ الفاحشِ؟ هذا أشدُّ وأخطرُ على الإنسانِ.
قولُه: «رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ» في جامعِه، التِّرمذيُّ: هو أحَدُ أصحابِ السُّننِ الأربعِ: سننِ التِّرمذيِّ، وسُننِ أبي داودَ، وسُننِ النَّسائيِّ، وسُننِ ابنِ ماجة، هذه الكتُبُ يُقالُ لها السُّننُ الأربعُ، والتِّرمذيُّ: هوَ الإمامُ المَشهورُ من تلامِيذِ الإمامِ أحمدَ، وممَّنْ أُخِذَ عنِ الإمامِ أحمدَ وعنِ البُخاريِّ، وهوَ إمامٌ جليلٌ ومُحدِّثٌ مَشهورٌ، وكانَ كفيفَ البَصرِ رحمه الله.