×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

قوْلُه صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ» حرَّمَه اللهُ سبحانه وتعالى، ومَعْنى «كُلُّ الْمُسْلِمِ»: «دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ» فآخرُ الجملةِ يُفسِّرُ أوَّلَها.

قولَه: «دَمُه» اللهُ حرَّمَ قَتْلَ المُؤمنِ، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء: 93]، وقال صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ»([1])  في هذه الأمورِ الثَّلاثةِ يَحلُّ دَمُه، ويُقامُ عليهِ القِصاصُ، ويُقامُ عليه حدُّ الزِّنا، وإذا ارتَدَّ عَن دِينِه يُقتَلُ، أمَّا إذا لمْ يكُن فيه شَيءٌ من هذهِ الثَّلاثِ فإنَّ دَمَه حرامٌ.

قولُه: «وَمَالُهُ»؛ كذلك مالُ المُسلمِ حرامٌ، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء: 29]، فمالُ المُسلمِ كدَمِه حرامٌ لا يجوزُ أخْذُه إلاَّ بِطيبٍ مِن نَفْسِه، كما في الحَديثِ: «لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلاَّ بِطِيبٍ مِنْ نَفْسِهِ»([2])  برِضاهُ لا يُغتصَبُ منْهُ المالُ ولا يُسرَقُ، فلا تَخُنْه في المُعاملةِ أو تَغُشُّه وتأخُذُ مالَه بغَيرِ حقٍّ، فمَالُه حرامٌ إلاَّ ما كانَ عن مُعاملَةٍ صَحيحةٍ، كأنْ تكونَ تِجارةً عَن تَراضٍ. كذلكَ لا يُكْرَهُ على البَيعِ أو على الشِّراءِ إلاَّ بحقٍّ، فإذا كانَ عليه دَيْنٌ وأبَى أنْ يُسدِّدَ فالسُّلطانُ يُسدِّدُ من مالِه، أو يَبيعُ مالَه، ويُسدِّدُ؛ لأنَّ هذا بحقٍّ، أمَّا إذا كانَ بغَيرِ


الشرح

([1])  سبق تخريجه.

([2])  سبق تخريجه.