×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

 ذلك فلا يَجوزُ إكراهُه على البَيعِ أو على الشِّراءِ إلاَّ بطيب ورِضا مِن نَفْسِه ﴿عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء: 29].

قولُه: «وَعِرْضُهُ» العِرضُ: ما يَقبَلُ المَدحَ والذَّمَّ، فلا يتكلَّمُ في عِرْضِ أخيهِ بالغِيبةِ والنَّميمَةِ، ولا يَسبُّه ولا يَشتُمُه ولا يَتنَقصُه؛ لأنَّه مُحتَرمٌ، بل يُدافِعُ عنه ويَرُدُّ عنه الغِيبةَ، فهذا هو المَفروضُ، أمَّا أنَّه يَقَعُ في عِرْضِه في المَجالسِ ويُشهِّرُ عنهُ، حتَّى لو أخطأَ أو وَقعَ في خَطيئَةٍ، فهذا مَنهيٌّ عنه، فلا تُشهِّرُ عنه في المَجالسِ ولكن تَنصَحُه فيما بَينَك وبَينَه هذا حقُّه عليكَ، أمَّا أنْ تَتكلَّمَ عنه في المجالسِ وتَذكُرُ ما وقَعَ منه فهذا لا يجوزُ، هذا غِيبةٌ، واللهُ جل وعلا يقولُ: ﴿وَلاَ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ [الحجرات: 12]، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قال: «الْغِيبَةُ ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ»؛ لأنَّه لا يَحلُّ لك أنْ تَذكُرَ ما فيهِ عندَ النَّاسِ، «وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ»([1])  يعني: كَذبْتَ عليه، فأنتَ إنْ تَحدَّثْتَ عَن أَخيكَ في مَجلسٍ منَ المَجالسِ فإنَّك لا تَخْلُو:

إمَّا أَن تكونَ كَذَّابًا تَكذِبُ عليهِ.

وإمَّا أنْ تكونَ مُغتابًا حيثُ ذَكَرْتَ عَيبَه.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2589).