×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

ثم قال صلى الله عليه وسلم لما حدد هذه المواقيت: «هُنَّ لَهُنَّ»؛ أي: هذه المواقيت لهذه الجهات أو لهذه البلاد، «وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ»، مَن أتى على ميقات من هذه المواقيت، وهو يريد الحج أو العمرة، فإنه يُحْرِم منه ولو لم يكن من أهل تلك الجهات.

فلو جاء المدني مثلاً عن طريق نجد، فإنه يُحْرِم من «قرن المنازل»؛ لأن حكمه صار حكم أهل نجد.

ولو جاء النجدي عن طريق المدينة، فإنه يحرم من «ذي الحُلَيْفة»؛ لأن حكمه صار حكم أهل المدينة... وهكذا.

«هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ»، إذا جاء أهل الشام أو أهل مصر أو أهل المغرب على المدينة، فإنهم يُحْرِمون من «ذي الحُلَيْفة»، ولا يُحْرِمون من «الجُحْفة»، مع أن «الجُحْفة» هي ميقاتهم الأصلي، لكن لما جاءوا عن طريق المدينة أخذوا حُكْم أهل المدينة، فيلزمهم الإحرام من ميقات أهل المدينة، وهو «ذو الحُلَيْفة».

«هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ»، سواء مَرَّ بهذه المواقيت ماشيًا، أو على دابة، أو على سيارة، فإنه يُحْرِم، أو مرَّ بها عن طريق الجو بالطائرات اليوم، فإنه يُحْرِم إذا حاذاها من الجو، أو حاذاها من طريق البحر في المراكب والبواخر، إذا حاذى ميقاتًا من هذه المواقيت وهو في البحر، فإنه يُحْرِم من محاذاته؛ بَرًّا أو بحرًا أو جوًّا، ولا يتعداها بدون إحرام.


الشرح