ويغلط الآن مَن يفتي بأن
مَن يأتي بالطائرة يُحْرِم من «جدة».
هذا غلط؛ لأنه إذا
جاء بالطائرة، اخترق أحد هذه المواقيت، لابد أنه يمر على ميقات وهو في الطائرة أو
محاذيًا له، لابد أن يمر مِن فوقه أو يمر محاذيًا له يمينًا أو شمالاً، فيخترق
المواقيت ويروح لجدة؟ لا، ما يجوز هذا.
قال صلى الله عليه
وسلم: «هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ»،
فإذا جاء بالطائرة، أتى على الميقات، حاذاه، فيُحْرِم من الميقات الذي يمر عليه
جوًّا.
وأما أنه يؤخر
الإحرام إلى أن يصل إلى «جدة» فهذا مخالف لنص الرسول صلى الله عليه وسلم، «جدة»
ليست ميقاتًا إلاَّ لأهلها ولمن نوى الحج أو العمرة منها.
أما مَن جاء ناويًا
للحج أو العمرة، ومر بالمواقيت، فإنه يلزمه الإحرام على كل حال. ولهذا قال: «مِمَّنْ
أَرَادَ الحَجَّ أَوِ العُمْرَةَ». فلا يحل لمسلم يريد الحج أو يريد العمرة،
ويمر على ميقات من هذه المواقيت، إلاَّ ويُحْرِم منه ولا يتعداه من دون إحرام.
فإن أحرم من دونه،
صح إحرامه مع الإثم، ويكون عليه فدية؛ لأنه ترك واجبًا من واجبات الحج أو العمرة،
ومَن تَرَك واجبًا فعليه دم.
ودل قوله صلى الله عليه وسلم: «مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ» على أن الذي يمر على هذه المواقيت ذاهبًا إلى مكة، وهو لا يريد حجًّا ولا عمرة - أنه لا يلزمه الإحرام؛ لأنه لا يريد حجًّا ولا عمرة. راح ليجيء بتجارة أو سلع، أو ذهب لمهمة، يريد أن يدخل مكة، وهو لا يريد حجًّا