×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

ولا يلبس «الْخِفَافَ» على الرِّجلين، إلاَّ إذا لم يجد النعلين، إذا لم يجد النعلين فإنه يَلْبَس الخِفاف؛ لأنه لا يستطيع أن يمشي على الشوك وعلى الحصى وعلى الرمال، يحتاج إلى شيء يقي به رجليه.

والأصل أنه يَلْبَس النعلين، هذا هو الأصل في المُحْرِم، إذا لم يجد النعلين، يلبس الخفين.

«وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ»، هذا قاله النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة.

ولما خَطَب صلى الله عليه وسلم في عرفة، قال: «مَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ»([1])، ولم يأمر بقطعهما.

فيكون هذا الحديث ناسخًا للحديث الأول الذي أَمَر فيه بقطع الخفين، يلبسهما بدون قطع. هذا هو الصحيح، ويكون الحديث الثاني ناسخًا للأول. ولأن قطع الخفين فيه إفساد وإتلاف للمال؛ فلهذا النبي صلى الله عليه وسلم في الأخير أباح لُبْس الخفين عند الحاجة من غير قطع.

ثم قال صلى الله عليه وسلم: «وَلاَ يَلْبَسْ مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ أَوْ وَرْسٌ»، الوَرْس والزعفران: نوعان من النبات طيبا الرائحة، تُصْبَغ بهما الثياب.

فالمُحْرِم لا يَلْبَس المُزعفر ولا المُعصفر؛ لِما فيه من رائحة الطِّيب. هذا دليل على أن المُحْرِم يتجنب الطِّيب طيلة ما هو محرم.

قوله صلى الله عليه وسلم: «وَلاَ الْبَرَانِسَ» و«البُرْنُس»: هو ثوب رأسه منه؛ يعني غطاء للرأس وثوب، أو ثوب فيه رأسه، معروف يُلْبَس الآن عند المغاربة وغيرهم. هذا هو البرنس.


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (1841)، ومسلم رقم (1178).