×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ: «مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا فَلْيَلْبَسِ السَّرَاوِيلَ». يَعْنِي: لِلْمُحْرِمِ([1]).

*****

وإنما هو محل عبادة وخضوع وذل لله جل وعلا، يستوي فيه الغني والفقير، والمَلِك والصعلوك، كلهم يستوون في زِي واحد، لا تمييز بينهم بشيء.

سَمِع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في عرفات في حَجة الوداع، وهو واقف بعرفة: «مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ»، هذا مِثل خطبته في المدينة؛ «مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ»، لكنه في المدينة قال: «وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ» وفي عرفة أطلق صلى الله عليه وسلم، ولم يأمر بقطعهما، فيكون هذا الحديث ناسخًا للحديث الأول، وأنه لا يُقْطَع الخفان، بل يلبسهما على شكلهما.

«وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا»، «الإزار»: الذي يجعله على أسفل بدنه، «فَلْيَلْبَسْ السَّرَاوِيلَ»، وهي مَخِيطة. لأجل الضرورة يلبس السراويل على عورته وأسفل بدنه، إلى أن يجد الإزار، ثم يخلع السراويل ويلبس الإزار.

وأما الرداء فلا حاجة إليه، فالإنسان يلف ثوبه عليه أو عباءته عليه من غير أن يُدْخِل يده في أكمامها، أو يأخذ رداء، أو يأخذ «بشتًا»، أو أي شيء، يلفه عليه، لا بأس، الرداء أمره سهل، يرتدي أي شيء، لكن لا على شكل اللُّبْس، وإنما يطرحه على كتفيه طرحًا، ويَرُد طرفيه عليه. وحتى لو بقي بدون رداء، ما فيه بأس.


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (1841)، ومسلم رقم (1178).