×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

فالهجرة في اللغة: التَّرْك.

وأما في الشرع، فهي: الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام فرارًا بالدين.

وفيها فضل عظيم، وهي قرينة الجهاد في سبيل الله. والمهاجرون لهم فضل على غيرهم، وقَدَّمهم الله على الأنصار لفضلهم، تركوا أوطانهم وبلادهم، وخرجوا في سبيل الله عز وجل، فلهم فضل، المهاجرون لهم فضل عظيم.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ» هذا نفي، أي: لا تُشْرَع الهجرة بعدما فَتَح الله مكة.

«لاَ هِجْرَةَ»؛ يعني: مِن مكة بعد فتحها وصيرورتها دار إسلام، فلا حاجة إلى الهجرة من مكة إلى المدينة.

أما الهجرة التي هي الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام فرارًا بالدين: فهي باقية إلى أن تقوم الساعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلاَ تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا»([1])، فالهجرة باقية.

فليس معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ» أن الهجرة نُسِخت وانتهت. ولكن المراد هجرة خاصة، وهي الهجرة من مكة إلى المدينة لأنها صارت دار إسلام.


الشرح

([1]) أخرجه: أبو داود رقم (2479)، والنَّسَائي رقم (4172)، والدارمي رقم (2555)، وأحمد رقم (16906).