×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

اختَلف العلماء: هل الرسول صلى الله عليه وسلم دخل مكة عَنوة، أو صلحًا؟ هل دخلها عَنوة بقتال؟ هو صلى الله عليه وسلم دخلها وهو على رأسه المِغْفَر - يعني: لباس القتال - دخلها والصحابة معه وهم متقنعون بالدروع.

والراجح -والله أعلم-: أن بعضها عَنوة، وبعضها صلح، أن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما دخلها دخل بعضها عَنوة، وبعضها جرى الصلح بينه وبين قريش فيها.

هذه قضية غزو الرسول صلى الله عليه وسلم لقريش، وأنه برخصة من الله عز وجل، هو الذي أَذِن فيه لنبيه صلى الله عليه وسلم، وهو الفتح الأعظم الذي قال الله جل وعلا فيه: ﴿إِذَا جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ [النصر: 1]، أي: فتح مكة، ﴿وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا ٢ فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا [النصر: 2- 3]، فهذا الفتح جعله الله نصرًا للإسلام والمسلمين.

لما استولى النبي صلى الله عليه وسلم على قريش وسقطت إمارتهم على مكة، وصارت في قبضة النبي صلى الله عليه وسلم، وقريش هي تاج العرب، حينذاك العرب كلهم جاءوا يبايعون الرسول صلى الله عليه وسلم ﴿وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا [النصر: 2]، فهو فتح عظيم ونَصْر كبير للإسلام والمسلمين.

خَطَب صلى الله عليه وسلم صبيحة الفتح، ومما قاله صلى الله عليه وسلم: «لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ»، الهجرة معروفة، هي الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام فرارًا بالدين. هذه هي الهجرة، هي الهجرة الشرعية. أما الهجرة في اللغة: فهي الترك مطلقًا، تَرَك الشيء: هَجَره، ﴿وَٱلرُّجۡزَ فَٱهۡجُرۡ [المدثر: 5]، أي: اترك عبادة الأصنام.


الشرح