عَنْ أَبِي
شُرَيْحٍ - خُوَيْلِدِ بْنِ عَمْرٍو - الْخُزَاعِيِّ الْعَدَوِيِّ، رضي الله عنه:
أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ - وَهُوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ
إِلَى مَكَّةَ - ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الأَمِيرُ أَنْ أُحَدِّثَكَ قَوْلاً قَامَ
بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْغَدَ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ،
فَسَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ، حِينَ
تَكَلَّمَ بِهِ: أَنَّهُ حَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ
مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللهُ تَعَالَى، وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلاَ يَحِلُّ
لاِمْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ - أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا،
وَلاَ يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً. فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ
رَسُولِ اللهِ صلى
الله عليه وسلم فَقُولُوا: إِنَّ اللهَ قَدْ أَذِنَ لِرَسُولِهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ
لَكُمْ. وَإِنَّمَا أُذِنَ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا
الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ. فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ».
فَقِيلَ لأَِبِي
شُرَيْحٍ: مَا قَالَ لَكَ عَمْرٌو؟ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكَ يَا
أَبَا شُرَيْحٍ، إِنَّ الْحَرَمَ لاَ يُعِيذُ عَاصِيًا، وَلاَ فَارًّا بِدَمٍ
وَلاَ فَارًّا بِخَرْبَةٍ([1]).
«الخَرْبَةُ»
بِالخَاءِ المُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ المُهْمَلَةِ: هِيَ الخِيَانَةُ. وَقِيلَ:
البَلِيَّةُ. وَقِيلَ: التُّهْمَةُ. وَأَصْلُهَا فِي سَرِقَةِ الإِبِلِ.
قَالَ الشَّاعِرُ:
وَالخَارِبُ
اللِّصُّ يُحِبُّ الخَارِبَا
*****
مما يدل على حرمة مكة المشرفة هذا الحديث الذي ألقاه النبي صلى الله عليه وسلم على الناس يوم فتح مكة، حينما خَطَب في الناس في المسجد الحرام.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (104)، ومسلم رقم (1354).