×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

أراد سعيد بن العاص - وهو أمير من أمراء بني أمية - أن يجهز الجيش لغزو ابن الزبير رضي الله عنهما في مكة؛ لأن ابن الزبير خرج على بني أمية، واستولى على مكة وعلى العراق، فصارت بينه وبينهم حروب، بينه وبين عبد الملك بن مَرْوان حروب معروفة.

فلما كان هذا الأمير يجهز، نصحه أبو شُرَيْح رضي الله عنه، وبَلَّغه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن هذا الحرم لا يجوز أن يُؤْذَى مَن فيه، لا يُسْفَك فيه دم، ولا يُعْضَد شجره، وحتى الطيور تأمن فيه، لا يُنَفَّر صيده، الطير والصيد والظباء والأرانب، هذا في الحرم لا يجوز، لا يجوز أن تُنَفَّر فضلاً عن أن تُقْتَل، إذا كان هذا في الصيد، فكيف ببني آدم، بالمسلمين في الحرم؟!

فهو رضي الله عنه نَصَحه وهو يجهز هذا الجيش، ولكن سعيدًا بَرَّر لنفسه بأن الحرم لا يعيذ عاصيًا ولا مخربًا. وهذا صحيح، أن الحرم لا يعيذ العاصي.

ولكن هل ابن الزبير من هذا الصنف؟ هذا محل البحث، وهذا شيء لا ندخل فيه، وابن الزبير صحابي رضي الله عنه، ولا ندخل في هذا الأمر.

ولكن الحرم لا يعيذ العاصي، ولو لجأ إليه مجرم، فيُضَيَّق عليه حتى يَخرج، أو يُمْسَك ويُقْبَض عليه، فالحرم لا يعيذ عاصيًا.

ولا يُأَمِّنَ السُّرَّاق الذين يدخلون للنشل والسرقة والخيانة، هم يُمْنَعون، ولو كانوا في الحرم؛ لأن هؤلاء مجرمون، والله جل وعلا يقول: ﴿وَمَن يُرِدۡ فِيهِ بِإِلۡحَادِۢ بِظُلۡمٖ نُّذِقۡهُ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ [الحج: 25].


الشرح