×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

فالحرم لا يعيذ المعتدي، بل يُتَّخَذ معه الإجراء الذي يَكف شره؛ بأن يُضَيَّق عليه حتى يَخرج.

وإن استدعى الأمر إلى أن يُقْتَل يُقْتَل، إن لم ينكف شره إلاَّ بالقتل فإنه يُقْتَل، ﴿وَلَا تُقَٰتِلُوهُمۡ عِندَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِيهِۖ فَإِن قَٰتَلُوكُمۡ فَٱقۡتُلُوهُمۡۗ كَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ [البقرة: 191].

أما إذا أمكن أنه يُقْبَض عليه بدون قتال، فإنه يُقْبَض عليه ويُجْرَى معه اللازم الذي يَمنع شره.

فهذا الحديث دل على حرمة الحرم، وأن حرمته قديمة من يوم خَلَق الله السماوات والأرض.

فهذا الحديث فيه: فوائد عظيمة:

الأولى: حرمة مكة؛ كما ترجم المصنف «حرمة مكة»، ولذلك تُسَمَّى بـ«البلد الحرام»، و«المسجد الحرام» الذي حرم الله الاعتداء فيه والأذى فيه؛ لأنه بيت عبادة، محل عبادة، والناس يأتون إليه من كل فَجٍّ عميق، فيكون آمنًا، يُؤَمَّن الناس فيه حتى يتمكنوا من عبادة ربهم وأداء شعائرهم.

الثانية: في الحديث دليل على أن حرمته قديمة، وليس الذي حرمه هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما رسول الله صلى الله عليه وسلم أمضى حرمته وأقرها وبَيَّنها، وإلا فإن الله حرمه يوم خَلَق السماوات والأرض، جعل هذا المكان آمنًا.

الثالثة: في الحديث دليل على أنه لا يُسْفَك فيه الدم، وأنه لا يُعْضَد فيه الشوك والشجر، «لا يُعْضَد فيه الشجر» يعني: لا يُقْطَع فيه الشجر،


الشرح