يسمونها الآن: «المدينة
المنورة»، «المنورة» هذا اسم مُحْدَث، تسمى: «المدينة النبوية»
لأنها مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، «النبوية» أحسن من تسميتها «المنورة».
قالوا: «يَقْدَمُ
عَلَيْكُمْ قَوْمٌ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ»، فاجتمعوا، اجتمع المشركون من
الناحية الشمالية من الكعبة، اجتمعوا ينظرون لمَّا قَدِم الرسول صلى الله عليه
وسلم وأصحابه، ودخلوا في الحرم، ينظرون إلى المرضى هؤلاء.
الرسول صلى الله
عليه وسلم أعلمه الله بهذه المقالة، فأَمَر أصحابه أن يُظْهِروا القوة والجَلَد
حتى يَغيظوا الكفار، «فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ
يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ الثَّلاَثَةَ»؛ حتى يَغيظوا الكفار.
فلما رآهم الكفار
يَرْمُلون قالوا: هؤلاء أقوى من الغزلان!! فانتفى كيدهم، وأبطل الله كيدهم.
فكانوا يَرْمُلون
الأشواط الثلاثة الأولى من الطواف الأول، إما طواف عمرة أو طواف قدوم، من الطواف
الأول؛ لأجل إغاظة المشركين، وكانوا يمشون بين الركنين اليمانيين؛ لأنهم يغيبون عن
الكفار في الجهة الجنوبية، يغيبون عن أنظار الكفار فلا يرونهم، فالرسول صلى الله
عليه وسلم أراد الرفق بهم، فسمح لهم بالمشي بين الركنين لما صاروا يغيبون عن أنظار
الكفار.
هذا هو أصل الرمل؛ إنه لإغاظة المشركين ودَفْع مقالتهم، فبَقِي سُنة في الطواف إلى أن تقوم الساعة؛ تذكرًا لأحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وإبقاءً على هذا العمل الجليل، وتأسيًا بالرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، بقي الرمل إلى أن تقوم الساعة.