×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

والرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رَمَلوا في حَجة الوداع، فدل على استمرار الرمل، وأنه لم ينقطع بعمرة القضاء، وإنما هو مستمر. ورُوِي أنهم رَمَلوا من الحَجَر إلى الحَجَر في حَجة الوداع([1])، ورُوِي أنهم مَشَوْا بين الركنين؛ كما في عمرة القضاء على روايتين.

فهذا فيه: الخلاف: هل الرمل من الحَجَر إلى الحَجَر؟ أو هو إلى ما بين الركنين اليمانيين؟

على كل حال هو سُنة، حتى لو ما رمل، فطوافه صحيح، ولكن إذا رمل فهو أكمل للطواف، فهو من مكملات الطواف المستحبة.

أما في طواف الإفاضة وطواف التطوع وطواف الوداع، فلا يُشْرَع الرمل، إنما هذا في الطواف الأول حينما يقدم المعتمر أو الحاج، فإنه يرمل في الأشواط الثلاثة، وأما الأربعة الباقية فإنهم يمشون.

قال الراوي: «وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إلاَّ الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ»؛ يعني: الرفق بهم؛ لأنهم لو رملوا كل السبعة أشواط يتعبهم هذا، الرسول صلى الله عليه وسلم رفق بهم؛ لأجل أن يُبْقِي عليهم قوتهم، وحصل المقصود لمَّا رأوهم في الأشواط الثلاثة اندحروا وحصل المقصود.

فهذا الحديث فيه:

أولاً: مشروعية الرمل في الطواف الأول، حينما يقدم الإنسان معتمرًا أو حاجًّا. وأما في الأطواف الباقية، فليس فيها رمل.


الشرح

([1]) أخرجه: مسلم رقم (1262).