×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

أما الركن اليماني، فإنه يُستلَم ولا يُقَبَّل، ولا يشار إليه عند الزحمة، إن تَمَكَّن من استلامه أو مسحه بيده، يَفعل. وإن صار زحمة فإنه يمشي ولا يشير إليه؛ لأن هذا لم يَرِد.

وأما الحَجَر الأسود، فإنه يُستلَم ويُقَبَّل ويشار إليه، كل الثلاثة، إن تَمَكَّن من تقبيله قَبَّله، وإن لم يتمكن استلمه، وإن لم يتمكن من تقبيله واستلامه يشير إليه ولو من بعيد، إذا حاذاه يشير إليه.

وأما الركنان الباقيان الشاميان، فلا يُستلَمان، ولا يُقَبَّلان.

قالوا: والحكمة - والله أعلم - أن الركنين اليمانيين على قواعد إبراهيم، وأما الركنان الشاميان، فهما ليسا على قواعد إبراهيم؛ لأن قريشًا لما بنت الكعبة بعد انهدامها، قَصُرت فيها النفقة، احتطموا من الكعبة الجزء الشمالي، وجعلوه باقيًا قضاءً، وبَنَوْا دون قواعد إبراهيم.

فصار الحجر من الكعبة، لم يُبْنَ، وأحيط عليه بحائط كما هو معلوم الآن، أحيط عليه بحائط يحفظه؛ لئلا يطوف الناس معه، وهو من الكعبة، فلا يجوز اختراقه في الطواف؛ لأن من اخترقه لم يطف بالكعبة، والله جل وعلا يقول: ﴿وَلۡيَطَّوَّفُواْ بِٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ [الحج: 29]، فإذا اخترقه، صار يطوف ببعض الكعبة؛ لذلك حَوَّطوا عليه بالجدار؛ لأجل أن الطائفين لا يدخلون معه، فإن دخله أثناء الطواف لم يصح طوافه، لم يتم طوافه.

وهذه مسألة يَغفل عنها بعض الجهال، فيدخلون مع الحجر في أثناء الطواف! هذا غلط، فبقي الحجر على وضعه.


الشرح