×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

«وَمَشَى أَرْبَعَةً»؛ إنه في الأشواط الأربعة الباقية يمشي على راحته؛ إبقاءً عليه؛ لأنه لو خب جميع الأشواط السبعة، فهذا يرهقه ويتعبه، فيمشي في الأشواط الأربعة الباقية؛ لأجل أن يأخذ راحته ولأنه حصل المقصود، وهو إظهار السُّنة.

«وَرَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ»، وهذا يدل على استحباب صلاة ركعتين بعد الطواف؛ لقوله تعالى: ﴿وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبۡرَٰهِ‍ۧمَ مُصَلّٗىۖ [البقرة: 125]؛ يعني: صَلُّوا عنده، صَلُّوا عند مقام إبراهيم.

ومَقام إبراهيم: هو الصخرة التي قام عليها حين بناء الكعبة، لما ارتفع البناء جاء بصخرة، فصار يقف عليها، ثم ترتفع به صلى الله عليه وسلم ويبني الكعبة. هذا من معجزات الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -.

فجَعَل الله هذه الصخرة مَشْعَرًا من مشاعره، يُصَلَّى عندها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي إليها بعد الطواف، ويجعلها بينه وبين الكعبة، ويصلي ركعتين، ويقرأ هذه الآية: ﴿وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبۡرَٰهِ‍ۧمَ مُصَلّٗىۖ [البقرة: 125]، هذا سُنة، سُنة للطواف.

وإذا كان المقام مزدحمًا، ولا يتمكن من الصلاة فيه، صلى الركعتين في أي مكان من أرجاء الحرم، في أي مكان تيسر له، في الأروقة، أو في الدور الأرضي، أو في الدور الثاني، أو في الدور الثالث، أو في السطح، كله جائز والحمد لله، أو حتى يصليهما في بيته أو في أي مكان من الحرم داخل الأميال، كله حرم، والحمد لله.


الشرح