×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ: «ارْكَبْهَا» قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ: «ارْكَبْهَا» فَرَأَيْتُهُ رَاكِبَهَا، يُسَايِرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم([1]).

وَفِي لَفْظٍ: قَالَ فِي الثَّانِيَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ: «ارْكَبْهَا وَيْلَكَ - أَوْ: وَيْحَكَ -»([2]).

*****

الهَدْي خاص ببهيمة الأنعام - الإبل، والبقر، والغنم -، لو أهدى مثلاً غير هذه، ما صار هَدْيًا، لو أهدى الأرانب أو الظباء أو الطيور... أو غير ذلك من اللحوم، لا يعتبر هذا من الهدي، قد يعتبر صدقة، ولكن ما يُعتبَر هديًا.

هذا فيه: دليل على أن الهَدْي يُرْكَب، لا بأس أن يَنتفع به انتفاعًا لا يضره، فله أن يركبه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أَمَر هذا الرجل أن يركب الناقة، فقال الرجل: «إِنَّهَا بَدَنَةٌ». يعني: هَدْي، فقال صلى الله عليه وسلم: «ارْكَبْهَا»، فقال: «إِنَّهَا بَدَنَةٌ»، يتأكد من الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: «ارْكَبْهَا وَيْلَكَ - أَوْ: وَيْحَكَ -»، هذا من باب الزجر له.

فدل على أنه يجوز الانتفاع بالهدي ما لم يُذبح، يُركب، يُوضَع عليه الشيء الخفيف الذي لا يضره.


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (1706).

([2]) أخرجه: البخاري رقم (1689)، ومسلم رقم (1322).