عَنْ عَلِيِّ بْنِ
أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: «أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا
وَأَجِلَّتِهَا، وَأَنْ لاَ أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا». وَقَالَ:
«نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا»([1]).
*****
تَقَدَّم في الحديث أن النبي
صلى الله عليه وسلم أهدى في حَجة الوداع مِائة بَدَنة، يعني مِائة بعير، ساقها من
المدينة، فلما وصل إلى مكة بقي صلى الله عليه وسلم مُحْرِمًا، لم يَحِل من إحرامه
حتى نحرها يوم النحر؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا
تَحۡلِقُواْ رُءُوسَكُمۡ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ ٱلۡهَدۡيُ مَحِلَّهُۥۚ﴾ [البقرة: 196].
فبقي صلى الله عليه وسلم على
إحرامه قارنًا بين الحج والعمرة حتى نَحَر هديه، ثم حلق رأسه، ثم تحلل من إحرامه
التحلل الأول، ثم مضى إلى مكة، وأفاض، وتحلل التحلل الثاني، وبقي في مِنى - كما
سيأتي -.
وهذا الحديث فيه: أن النبي صلى الله
عليه وسلم وَكَّل عليًّا -علي بن أبي طالب رضي الله عنه - أن يقوم على بُدْنه، أن
يتولاها، «يَقُومُ عَلَيْهَا» يعني: يتولاها بالعلف والسقي، وأن يسوقها إلى
أن تصل إلى حِلها.
ثم إنه صلى الله عليه وسلم
لما رمى الجمرة، انصرف إلى هديه، فنَحَر صلى الله عليه وسلم ثلاثًا وستين بَدَنة
بيده الشريفة، ثم وَكَّل عليًّا في نحر الباقي من المِائة، وأَمَره أن يتصدق
بلحومها وجلودها وأَجِلَّتها.
هذا فيه التوكيل في ذبح الهَدْي، وأنه يجوز للإنسان أن يوكل مَن يَذبح هديه؛ لأن الحاجة أحيانًا تدعو إلى هذا، فإذا احتاج إلى التوكيل، وحتى ولو لم يحتج، والوكيل يقوم مقام المُوكِّل.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1707)، ومسلم رقم (1317).