×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

وهذا فيه: التوسعة على المسلمين، واليوم فُتِحت مكاتب لاستقبال أثمان الهَدْي من الحُجاج؛ من أجل أن يُشترَى لهم بها هَدْي ويُوزَّع لحمه، يتولى المكتب توزيع اللحوم. وهذا فيه تيسير على المسلمين. وفيه أيضًا: حفظ اللحوم والجلود بدلاً من أن كانت تنتن وتُضيق على الناس، صارت الآن تُحفظ ويُنتفع بها.

وصار الذي يشق عليه ذبح الهَدْي والذَّهاب إلى المَنْحَر: يوكل هذه المكاتب، وهي تقوم بذلك؛ أخذًا من هذا الحديث.

وفي الحديث أيضًا: أن لحوم الهَدْي لا تُهْدَر، وجلودها وأَجِلَّتها لا تُهْدَر، بل تُوزَّع، ولا يستردها صاحبها، ما يسترد الجلود ولا الأَجِلة، وإنما توزع مثل اللحوم على الفقراء، وإن شاء هو أن ينتفع بالجلد بأن يدبغه ويستعمله فله ذلك، ولكنه لا يبيعه، وإنما يَنتفع به هو، لا بأس، أو يعطيه مَن ينتفع به.

وفيه: أن لحوم الهدي لا تُهْدَر وتضيع؛ لأنه ليس المقصود الذبح فقط، المقصود الذبح والانتفاع، والتوسع في لحوم الهدي.

﴿وَٱلۡبُدۡنَ جَعَلۡنَٰهَا لَكُم مِّن شَعَٰٓئِرِ ٱللَّهِ لَكُمۡ فِيهَا خَيۡرٞۖ فَٱذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَيۡهَا صَوَآفَّۖ فَإِذَا وَجَبَتۡ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡقَانِعَ وَٱلۡمُعۡتَرَّۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرۡنَٰهَا لَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ [الحج: 36].

وقوله: ﴿وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۖ فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡبَآئِسَ ٱلۡفَقِيرَ [الحج: 28]، فيُستحَب أنه يأكل منها، وقد أَكَل النبي صلى الله عليه وسلم من هديه([1]). فيُستحَب أن يأكل منها،


الشرح

([1]) أخرجه: مسلم رقم (1218).