فأرسل عبد الله بن
عباس، عبد الله بن حُنَيْن إلى أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه يسأله.
فهذا فيه: مشروعية الاجتهاد
في المسائل الفقهية، والاختلاف فيها، وأن الاختلاف فيها لا يُذم ولا يَضر، ليس هو
من الاختلاف المذموم، بل هو من الاختلاف المشروع؛ لأن كل واحد يجب عليه أنه يبحث
ولا يقلد، ما دام أنه يستطيع، ما دام يستطيع البحث يبحث؛ ليتوصل إلى الحكم الشرعي
بنفسه. أما إذا كان لا يستطيع، فإنه يَسأل أهل العلم.
ففيه أولاً: وقوع الاختلاف بين
الصحابة في مسائل الفقه، وأن هذا لا يضر، بل هو مطلوب، مطلوب منه البحث والتقصي
والتوصل إلى الأحكام الشرعية.
ثانيًا: فيه أن المختلفين
في مسألة يجب عليهم الرجوع إلى السُّنة، فإن ابن عباس والمِسْوَر رضي الله عنهما
رجعا إلى سُنة الرسول صلى الله عليه وسلم التي يعرفها أبو أيوب الأنصاري رضي الله
عنه.
ففيه: الرجوع إلى
السُّنة، وهذا كما في قوله تعالى: ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي
شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ
بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا﴾ [النساء: 59].
ما يجوز أن نقول: «كل
واحد يبقى على رأيه»، «الرأي والرأي الآخَر». كما يقولون الآن. ما يجوز
هذا.
يجب أننا نرجع إلى الكتاب والسُّنة، فما دل عليه الدليل أخذنا به، وما خالف الدليل تركناه، ما لنا رأي ورأي آخَر، الدين واحد،