فالذي يحلق أفضل من
الذي يُقَصِّر، والتقصير جائز ومجزئ، ولكن الحلق أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه
وسلم دعا لأهل التحليق ثلاث مرات، ودعا لأهل التقصير مرة واحدة، فدل على أن الحلق
أفضل من التقصير؛ لأنه أبلغ في العبادة، وحلقه عبادة لله عز وجل، ليس هناك مَن
تُحَلَّق له الرءوس تعظيمًا إلاَّ الله جل وعلا.
وقد يكون الإنسان
يرغب في بقاء شعر رأسه عليه ليتجمل به ويتباهى به كعادة العرب؛ أنهم يتخذون شعر
الرأس ويغذونه، فبعضهم قد يستصعب الحلق؛ لأنه يذهب الشعر، وهم يريدون بقاء الشعر. هذا
جائز، جائز أنه يقصر، ولكن الذي يحلق هذا أبلغ في العبادة.
وفيه دليل: على أن الحالق
يقدم طاعة الله على رغبة نفسه، هو يرغب في بقاء الشعر، ولكنه يحلقه لله عز وجل،
فيقدم ما يحبه الله على ما تحبه نفسه. هذا وجه كون المحلقين أفضل من المقصرين.
ثم لابد أن نعلم أنه
لابد من حلق الرأس كله، ولابد من تقصيره كله.
فلا يحلق أو يقصر
بعضه ويترك بعضه؛ لأن بعض الناس يقصر من جانب الرأس ويترك البقية، هذا لا يجزئ.
لأن الله جعل
التقصير بدلاً من الحلق، فكما أن الحلق يعم جميع الرأس، فكذلك التقصير.
وأيضًا: ﴿مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمۡ وَمُقَصِّرِينَ﴾ [الفتح: 27]، أضاف التحليق والتقصير إلى جميع الرأس، ما قال: «محلقين بعض رءوسكم،