×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

كان في الأول على الإبل، وعلى البواخر، وعلى السفن، ويأخذون أشهرًا في الطريق، في خوف، فيشق في ذاك الوقت؛ فلذلك بعض العلماء التمس لها رخصة - كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم - التمسوا لها رخصة في أنها تطوف وهي حائض من أجل الضرورة. قالوا: لأن الطهارة شرط، والشرط يسقط مع العجز، فالتمسوا لها العذر، وقالوا: تطوف نظرًا للظروف السابقة.

أما في وقتنا هذا فتغير الحال، فتتغير الفتوى بتغير الأحوال، فليس اليوم كالأمس في صعوبة البقاء في مكة، فينبغي أن يُنظر لهذا.

فالذين أفتوها بالطواف وهي حائض كان للضرورة، واليوم ليس هناك ضرورة، والحمد لله، تسهلت الأمور، وتقاربت البُلدان، وتوفرت وسائل النقل السريعة، فليس هناك ضرورة.

فهي إما أن تبقى - وهذا هو الأحسن -، وإما أن تذهب، وإذا طهرت تأتي وتؤدي بقية حجها.

المسألة الثالثة: في الحديث دليل على سقوط طواف الوداع عن المرأة الحائض، وعلى وجوبه على غيرها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يسقطه إلاَّ عن الحائض، فدل على أنه واجب، ولكن الحائض سقط عنها للعذر.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «عَقْرَى حَلْقَى»، فهذا دعاء، الأصل أنه دعاء: عَقَرها الله، وحَلَق رأسها([1])، فهذا كان في الأصل دعاء،


الشرح

([1]) انظر: العين (1/151- 152)، وتهذيب اللغة (1/145 و 4/38)، والصحاح (4/1463- 1464).