×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

والعباس كانت السقاية لعبد المطلب أبيه، ثم لما تُوفي آلت السقاية إليه رضي الله عنه، كانوا يتوارثون هذه المسئوليات، هذا مما يدل على عنايتهم بالحرم والحجيج.

فاستأذن النبيَّ صلى الله عليه وسلم من أجل هذه المهمة، وهي مهمة عظيمة؛ لأنه ما يتمكن أنه يبيت في مِنى، ويوفر الماء للناس يشربون في مكة، ما يتمكن من هذا. فأَذِن له النبي صلى الله عليه وسلم.

فدل هذا الحديث على مسألتين:

المسألة الأولى: استئذان ولي الأمر في الأمور العامة. فإن العباس على جلالة قدره وهو عم الرسول صلى الله عليه وسلم، ومع هذا استأذن من الرسول؛ لأن الرسول هو ولي الأمر، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأَذِن له.

المسألة الثانية: فيه دليل على وجوب المبيت في مِنًى ليالي أيام التشريق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رَخَّص للعباس لأجل عذره، والرخصة لا تكون إلاَّ من أمر واجب. فدل على: وجوب المبيت بمِنًى، وأنه لا يُرخَّص إلاَّ لمن عجز عن المبيت لمرض أو لكونه من المرضى الذين يحتاجون إلى الترقيد في المستشفيات، فالمريض لا بأس أنه يُحمل من مِنًى إلى المستشفى يعالج فيه وهو حاج، يسقط عنه المبيت للعذر.

وكذلك الذين يعملون لمصالح الحجيج؛ كالجنود والحرس ورجال المرور، الذين يعملون لمصالح الحجيج، إذا حجوا يُعْفَون من المبيت؛ لأجل أن يقوموا بمهماتهم.


الشرح