×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

 فحصل عندهم رضي الله عنهم إشكال: هل المراد أنهم يتحللون التحلل الكامل؟ أو التحلل الأول؟ التحلل الكامل الذي فيه وَطْء النساء، أو التحلل الأول ليس فيه وطء النساء.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الْحِلُّ كُلُّهُ».

«فَيَطُوفُوا ثُمَّ يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا، إلاَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ»، إلاَّ مَن كان ساق الهَدْي من الحِل، فإنه يبقى على إحرامه. وهما طلحة والنبي صلى الله عليه وسلم.

«فَقَالُوا: نَنْطَلِقُ إِلَى «مِنًى» وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ؟!»، استغربوا لما أَمَرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالتحلل، وليس من عادتهم أنهم يتحللون من الحج ويحولونه إلى عمرة، هذا الشيء لم يألفوه؛ ولهذا قالوا: حتى نطأ النساء بعد العمرة؟!

فالنبي صلى الله عليه وسلم أجاز لهم هذا، قال: «الحِلُّ كُلُّهُ»، «فَقَالُوا: نَنْطَلِقُ إِلَى «مِنًى» وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ؟!»؛ يعني: كناية عن وطء النساء بعد العمرة، استغراب منهم.

«فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم » بَلَغ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ما حصل لهم من التردد والاستغراب، فأراد صلى الله عليه وسلم أن يزيل هذا الاستغراب وهذا التردد.

«فَقَالَ: لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلاَ أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ»، أراد صلى الله عليه وسلم أن يطيب خواطرهم، وأن يبين لهم أن ما أمرهم به هو الأفضل، وهو التمتع، فهو أفضل من القِران وأفضل من الإفراد، وتمنى صلى الله عليه وسلم أنه لم يَسُق الهَدْي؛ حتى يتمتع بالعمرة إلى الحج، تمنى صلى الله عليه وسلم ذلك، ولكن مَنَعه سَوْق الهَدْي؛ عملاً بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَحۡلِقُواْ رُءُوسَكُمۡ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ ٱلۡهَدۡيُ مَحِلَّهُۥۚ [البقرة: 196].


الشرح