×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

هذا الذي حصل لعائشة رضي الله عنها، فإنها أحرمت متمتعة فنزل عليها الدم، ولما نزل عليها الدم أصابها الندم والبكاء، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «فَإِنَّ ذَلِكِ شَيْءٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَافْعَلِي مَا يَفْعَلُ الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي»([1]).

فالحائض تفعل المناسك، تقف بعرفة، تبيت في مزدلفة، ترمي الجمار، وهي حائض. أما الطواف فإنها تؤخره إلى أن تطهر.

هذا إذا أصابها الحيض في أثناء الإحرام، أو أصابها الحيض قبل أن تُحْرِم، فإنها تُحْرِم وهي حائض. فإن اتسع لها الوقت في أداء العمرة قبل الحج تؤديها، وإلا تُحْرِم بالحج وتُدخله على العمرة، وتصير قارنة.

لأن بعض الناس إذا حاضت معهم النساء، ما يجعلوهن يحرمن! هذا من الجهل، تُحْرِم وهي حائض.

الإحرام لا يُشترط له الطهارة؛ لأن أسماء بنت عُمَيْس ولدت في ذي الحُلَيْفة، وأصابها النِّفاس، فأَمَرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تستثفر بثوب، وأن تُحْرِم([2]).

فالحيض والنفاس لا يمنعان الإحرام، بل تُحْرِم وهي حائض، وتحرم وهي نُفَساء.

ولو أحرمت وهي طاهر ثم حاضت، فتستمر على إحرامها؛ لأن بعض الناس إذا حاضت المرأة يحللها من إحرامها ويمشي بها،


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (305)، ومسلم رقم (1211).

([2]) أخرجه: النسائي رقم (429)، وابن ماجه رقم (2913)، وأبو عوانة في مستخرجه رقم (3413).