×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

 «غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ»؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم منعها، قال: «غَيْرَ أَنَّ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي».

فهذا فيه: دليل على أن الطواف يُشترط له الطهارة، وجاء في الأثر الصحيح، جاء في الموقوف الصحيح عن ابن عباس، ويُروى مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلاَةٌ إلاَّ أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ»([1])، فدل على أن الطواف بالبيت تُشترط له الطهارة كما تُشترط للصلاة، فلا يجوز للإنسان أن يطوف وهو على غير طهارة.

هذا الحديث صريح: «غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي»، فعَلَّق الطواف بالطهارة، فدل على أنها شرط لصحة الطواف.

«فَلَمَّا طَهُرَتْ وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، يَنْطَلِقُونَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَأَنْطَلِقُ بِحَجٍّ؟!»، كانت قارنة، لما أصابها الحيض وضايقها الوقت، تحولت إلى قارنة، وأدخلت عمرتها في حَجها، فهي اعتمرت ولكنها لم تقتنع، تقول: لا، أبغي عمرة على حدة، ما أبغي عمرة تَدخل مع الحج! هذا من حرصها على الخير.

فالرسول صلى الله عليه وسلم حاول أن يقنعها بأن عمرتها التي مع الحج تكفي، ولكنها لم تقنع من حرصها على الخير.

فالنبي صلى الله عليه وسلم طَيَّب خاطرها، وأرسلها إلى التنعيم مع أخيها، فأحرمت بعمرة بعد الحج.


الشرح

([1]) أخرجه: النَّسَائي رقم (2922)، والدارمي رقم (1889)، والحاكم رقم (1686).