وفيه: أنه بعد العقد
يبقى الخيار ما دام في مجلس العقد.
وفيه: زيادة، وهي وجوب
الصدق وأن لا يَخدع أحدهما الآخَر، بل يَصدق في بيعه وشرائه من غير خديعة ومن غير
غرر، ويُبَيِّن: «فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا»؛ يعني: بَيَّنا ما في السلعة
أو ما في الثمن من العيب، ولم يكتما، ما يكتم واحد منهما ما في يده إذا كان فيه
عيب، فلابد أن يُبَيِّن للطرف الثاني. أما إذا لم يُبَيِّن فقد كتم، وهذا غش
وخديعة.
فإذا حصل الكذب في
البيع والتغرير أو حصل الغش في البيع، فالبيع يصح؛ بِناءً على الظاهر، ولكن
تُمْحَق البركة، إن كانا متفقين على الغش وعدم البيان، فإنه تُمْحَق بركة الاثنين،
البائع والمشتري. أما إذا كان الكذب والغش من طرف واحد، فإن الذي حصل منه ذلك ليس
في بيعه وشرائه بركة.
فليحذر التجار من مدلول
هذا الحديث؛ لأن أغلب بيع الناس اليوم وشرائهم على الغش والخديعة، ويعتبرون هذا من
الحُنكة في البيع، يعتبرون الغش والخديعة والتلبيس من حُسْن التصرف، ومن الحنكة في
البيع، ومن المرونة في البيع. وهو في الحقيقة محق للبركة، ويصبح ماله لا بركة فيه،
ممحوق البركة، وإذا مُحِقت منه البركة فلا خير فيه.
فهذا مما يُحَذِّر التجار الذين لا يتحاشَون من التدليس، ومن الكذب في البيوع، ومن الاحتيال، ويتسابقون في أيهم يخترع طريقة ماكرة يخدع بها الزبائن!! فهذا هو الغش والتدليس، هو يريد أن يروج سلعته، ويقول: «أنا حاذق في البيع والشراء، وأستطيع أني أغري الناس»