حتى يأمن العاهة ببُدُو صلاحه.
هذا من: عناية هذه الشريعة
بالأموال ورفقها بالناس وضمان حقوقهم.
وهذا أيضًا فيه: النهي عن
المخاطرات في الأموال؛ فإن الأموال مسئولية عند أصحابها، لا يتصرفون فيها إلاَّ
بما فيه المصلحة، ولا تضيع الأموال ويخاطر بها؛ كما في الحديث: «إِنَّ اللهَ
كَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ المَالِ، وَكَثْرَةَ
السُّؤَالِ»([1]).
فلا يجوز أن
يُعَرَّض المال للضياع والمخاطرة، ومن ذلك هذا الحديث الذي يَنهى عن بيع الثمار
قبل بُدُو صلاحها، وفسر ذلك؛ كما في الحديث الآخَر: «أن تَزهو، أو تحمرّ، أو
تصفرّ»([2])، حَسَب اختلاف
الثمار.
فدل على: بطلان البيع قبل
بُدُوّ الصلاح، لأنه منهي عنه شرعًا، وأنه بعد بُدُو الصلاح يصح البيع، وتكون من
مال المشتري؛ لأنها في الغالب تأمن من الآفات، فإن أصابها جائحة فهذا يأتي فيه
حديث آخر، ولكن الغالب أنها تَسْلَم، وأنها تصلح للاستعمال وللبقاء على رءوس
الشجر، فلذلك أُذِن ببيعها.
وقوله: «نَهَى الْبَائِعَ وَالمُبْتَاعَ» البائع معروف، والمبتاع هو المشتري، نهى الطرفين، نهى البائع والمشتري: فالبائع؛ لئلا يأكل مال أخيه بغير حق. والمشتري؛ لئلا يُعَرِّض ماله للخطر.